الأحد، 1 مارس 2020

.................
 سلوى بنموسى
...........



مدكرتي
في يوم خريفي بامتياز ؛ تتساقط فيه أوراق الشجر ؛ برد خفيف يسري في الأضلع والوجدان .
نظرت من نافذتي الصغيرة ؛ وجدت المارة يهرولون بمعاطفهم القصيرة وفوق رؤوسهم يضعون قبعات باختلاف أذواقهم وبألوان متباينة وهم يمتطون مظلات بين أيديهم تحسبا لسقوط المطر !
أضحكني منظرهم ألا سامحني الله .
رأيتهم وكأنما يجولون في مسرح عريظ
لا أحد يبتسم للآخر ! يتقاتلون و يتسابقون من أجل عبور الطريق لذهابهم للعمل مبكرا
وما الحياة سوى ملعب كبير أو مسرح فسيح الأرجاء
الكل يلعب دورا ما فيه ؛ ولكن الجمال في من يحسن عمله ويعطيه طعما خاصا يؤخد من روحه ويسقى من دمه
« من غشنا فليس منا »
أزلت ناظري من شرفتي وقلت في نفسي : كفاك ترثرة
يا إمرأة واهتمي بشؤونك الخاصة !؟
وفعلا ابتسمت للفكرة الجنونية
اقتربت من مدكرتي لأرى فحواها وأنظر إلى آخر زيارة قمت بها عند الأحباب والأصحاب ؟
فهالني الأمر وأتقلت الفاجعة أضلعي رقت لها أحاسيسي وأدمعت لها مقلتي وتعثر لها لساني !!
قلت : يا للهول عام ونصف لم أرى أحدا ولم يزرني أحدا
كيف ولماذا ؟؟
تذكرت آخر زيارة قمت بها أن أقربائي قالوا لي مازحين إن لن تأتي عندنا أنت لن ترى وجوهنا بعد الآن !
اعتبرتها مزحة وابتسمت ؛ وسلمت عليهم وأطلقت العنان لقدمي لكي تلامس الريح وصرت في الشارع المؤدي الى بيتنا ..
إنهم يعرفون ضيق وقتي ومسؤولياتي الجسام وانطوائي وعزلتي
لأنني اهوى ذلك !
أشعر بأنني مع ربي أتنفس ومع روحي أيضا
ولا أحد سوانا سينغز علي عملي وحريتي .
أردفت : آه منك أيتها الحياة ما أقساك !!
نكر ونفر وتلفيننا بصبغتك الشيطانية وتقحمين دررنا بعنكبوتك القاتل
ولا تتركين لنا متسع من الوقت لنرى أنفسنا وبالأحرى عائلتنا وجيراننا
آه يا نفسي ويا كينونتي اشتقت لكما !!
لا أهتم بكياني وبجمالي البتة
دائما ألهث نحو المادة نحو الكماليات يا أنا
من أجل تحسين الوضع المادي ...
فهل تراه تحسن وارتقى إلى الأفضل ؟!
لا وألف لا بل ربما زاد بأسا بسبب غلاء المعيشة !!
العين بصيرة واليد قصيرة
رأيت أشلائي في المرآة فهالني أمري
عينان غائرتان ؛ ووجه شاخب ؛ وبشرة تكسوها خطوطا من التجاعيد ؛ وشعر بدأ يفقد صبغته الميلانين ؛ وأضحى يشوبه شيب خفيف .
حتى العقلية اختلفت وأصبحنا أكثر صرامة وقوة !!
بأس التغيرات والمدنية العرجاء الجوفاء !
حتى الضحكة لم تعد تخرج من القلب !!
قررت أن أبتعد عن هذا المنحى ؛ لأنني لم استفد شيئا بل ضعت وضيعت نفسي معي !!
وأن أستعيد صحبتي وديناميكيتي وبسمتي وصباغتي الطيبة فالله مسبب الأرزاق وحده دون سواه
دققت دار العائلة ! فأخدوني بالأحضان والعناق والدموع !!
لأنهم
اشتاقوا إلي ؛ ولم يريدوا التطفل على هويتي وانعكافي ووحدتي
اتفقنا بعد أكل عيش وملح من جديد على إقامة زيارة أسبوعية لا نتكلم فيها عن العمل والهموم
يوم يخلد للصحبة الطيبة والمتعة والتسلية وأكل ما ألذ وطاب ومزاولة الرياضة على الهواء الطلق العليل .
ارتحت نفسيا وروحيا وعقليا الحمد والشكر لله
وعدت إلى مسكني وأنا منتعشة الوجدان والفكر .
وعليه وجب إخواني في الله ؛ إقامة زيارة للأهل والأحباب لمد أواصل وجسور المحبة وإقامة صلة الرحم !
والبعد عن إرهاصات الحياة ومشاكلها التي لا تنتهي
فهل من مؤيدين ومن أتباع !؟؟؟
والسلام على الرفقة الطيبة
أستودعكم المولى ؛ وكل يوم وأنتم سعداء حالمين طامحين
وطامعين خيرا وجزاءا في الدارين !!
من المولى الحكيم صاحب العرش المكين .

الأديبة والشاعرة : سلوى بنموسى
المملكة المغربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق