..............
بقلم : مرشد سعيد الاحمد / ابو سالي
..........................
- مجتمع غريب وعجيب ------------------
ولد وترعرع خلف في قرية تل المرابيع حبث كان والده يشتغل راعي لاغنام القرية مقابل نصف ليرة لكل راس غنم شهريا. بعد ان تجاوز خلف الثانية عشر من عمره ترك المدرسة بالرغم من ذكائه وحنكته ليساعد والده في عمله بسبب المرض الذي اصابه والزمه الفراش.
كان منذ طفولته يملك يد خفيفة فيسرق اقلام التلوين وبعض حاجات رفاقه في المدرسة . وتابع حياته بهذا السلوك اثناء رعيه للغنم . فكان يبيع او يذبح خروف او نعجة ويدعي ان الذئب قد هجم عليه واكلها.
بعد ان تأسست شركات التنقيب عن النفط في منطقته ترك مهنة رعي الغنم وعمل بوظيفة عامل حفارة على احدى الابار. حيث استفاد من ذكائه وحنكته من الانتقال من عمله الى الادارة العامة بعد ان كان ينقل للجهات المعنية كل مايتحدث به زملاؤه في العمل اضافة الى اقامة الولائم وتقديم الهدايا لاصحاب الشأن . مما عزز مكانته واصبح عضو في لجان المشتريات الذي مكنته من الحصول على مبلغ مرموق من المال استخدمه لخوض الانتخابات النقابية والفوز بها . وبعد ان تسلم منصبه الجديد توسعت علاقاته مع اصحاب الشأن والقرار وتحول الى وحش بشري صرف الكثير من منافسيه من عملهم او نقلهم الى ورشات الحفر في البرية بعد اتهامهم بضغف وطنيتهم او عدم المشاركة في الاحتفالات الوطنية مثل عيد القطن وعيد القمح و ..... وهذا العمل جعله يفرض احترامه وهيبته على الجميع واصبح الجميع يناديه بأسم الاستاذ خلف او الرفيق ابو عجاج.
اوفد خلف الى دورة تدريبية في فن الادارة لمدة عام في اليابان ليعود رجل جديد بأخلاقه ومبادئه .
ويتسلم مركز حساس في الشركة لكنه لم يدم طويلا نتيجة تزمته في تطبيق الانظمة والقوانين واحترام الوقت وحب العمل والتدقيق في كل شاردة وواردة
فأقيل من منصبه قام على اثرها بتقديم استقالته من العمل وجلس في بيته معتمد على راتبه التقاعدي
وبذلك اصبح يشكل مصدر ازعاج لكل افراد اسرته من خلال التشدد في توجيه النصائح بضرورة التوفير في الكهرباء وتوفير الماء واصلاح كل صنبور يسرب ماء واطفاء لمبات الكهرباء الزائدة والاهتمام بالاشجار والورود و...... مما يدفع بولده عجاح الذي تخرج من الجامعة وعاطل عن العمل ان يصرخ بوجه نتيجة هذه التصرفات والنصائح التي لاتنتهي ثم يندم عندما يتذكر قوله تعالى
"ولا تنهرهما ولا تقل لهم اوف ".
اما في الحارة فكان يهتم بالنظافة وسقاية الاشجار المزروعة فيها والاهتمام بالحيوانات مثل الكلاب والقطط ورعايتها . وكل ماتعرض لنقد نتيجة العادات والتقاليد كان رده ان الكلب عنده امانة ووفاء اكثر من الكثير من البشر يكفيه انه يحميك ويحرسك وينبهك اذا تعرضت لسرقة اثناء نومك.
وكان يذكر قصة الملك الظالم الذي كان يعاقب كل من يخالفه برميه في زريبة تحوي مجموعة من الكلاب بعد تجويعها عدة ايام فتقوم بتقطيعه اربا اربا
وكيف اراد ان يعدم احد وزرائه بهذه الطريقة حيث طلب منه الوزير ان يمهله عشرة ايام فوافق الملك
وبعدها طلب من القائم على رعاية هذه الكلاب ان يقوم برعايتها عدة ايام بدلا عنه . وعند انتهاء المدة المحددة حضر الملك لتنفيذ الحكم ليتفاجأ عند رميه للكلاب حسب الطريقة المتبعة لتنفيذ الاعدام ان تقوم هذه الكلاب بالتجمع حوله وشم رائحته والتمسح به فتعحب الملك من ذلك فقال له الوزير لقد خدمت هذه الكلاب عدة ايام فكانت النتيجة انها حفظت الود واعترفت بالجميل الذي قدمته لها وانت ياجلالة الملك بعد ان خدمتك اكثر من عشر سنوات وحميتك من كل اعدائك انكرت كل شيء.وعندها عفا عنه وترك هذه الطريقة بالاعدام. وفي ذات يوم اعلنت شركة كندية لخدمات النفط عن منصب مدير عام لها في تل المكاصيص فتقدم لها عحاج بالاوراق المطلوبة ولكن لسوء حظه في ليلة الموعد المحدد اصيب والده خلف بجلطة قلبية ادخل على اثرها العناية المركزة وسهر معه خلف تلك الليلة حتى الصباح وبعدها توجه الى مركز فحص المقابلة دون الاهتمام بمظهره او حتى تسريحة شعره . وعند مدخل المركز شاهد الماء يتدفق من البركة نتيجة عدم اغلاق صنبور الماء فتذكرت نصائح والده وتعاطف معها وقام بأغلاقه ثم تابع سيره فوجد قبضة الباب ملقاة على الارض فتذكر كلام والده وقام بأصلاحها واعادتها الى مكانها وفي القاعة تفاجأ بوجود جمهور غفير من المتقدمين من كلا الجنسين يرتدون اجمل الملابس فجلس قليلا ثم قرر الانسحاب الا انه تراجع بعد ان نصحه احد المتقدمين بخوض هذه التجربة والاستفادة منها في المسابقات القادمة.
لكنه تفاجأ عند دخوله قاعة المقابلة بأستقباله من قبل رئيس اللجنة والاعضاء والجميع قال له مبروك النجاح فتعجب وظن انهم يستهزؤون به لكن هذا التعجب سرعان ماتبدد عندما اخبره المترجم بأن قيامه بأغلاق صنبور المياه واصلاح قبضة الباب هي السؤال والجواب وتوصلت اللجنة من خلال مشاهدتك بالكاميرة التي تم وضعها في المدخل بأنك الانسان المناسب لهذا المنصب الحساس وعليك ترتيب امورك والاستعداد للسفر خلال فترة اقصاها عشرة ايام الى كندا لاتباع دورة تؤهلك للقيام بعملك فخرج من القاعة وتوجه مسرعا الى المشفى ليطمئن على صحة والده ليتفاجأ بوفاته بعد ان تركه بحوالي النصف ساعة . توجه خلف الى المقبرة فلم يجد سوى عدة اشخاص اخوه وازواج اخواته فقط وبعد الانتهاء من الدفن وقف على قبر والده وقرأ الفاتحة وطلب من والده السماح لقلة احترامه له والرد بوجهه قائلا : لقد اقتنعت من نصائحك بالعبارة التي درستها في مادة الفلسفة والتي تقول :
" ان المقدمات الصحيحية تعطي نتائج صحيحة "
سامحني ياوالدي لاني فرد من مجتمع لا يحترم الا الكذاب والمنافق والمؤذي وفاقد القيم والاخلاق.
------انتهت--------
بقلم : مرشد سعيد الاحمد / ابو سالي
ملاحظة هامة: انا اعتبر البشرية مقسمة الى مجتمعات منها محتمع العلماء ومجتمع الادباء ومحتمع الصالحين
و مجتمع المنافقين ......... وانا لا اقصد في كلام عجاج مجتمعنا بشكل عام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق