الأربعاء، 25 سبتمبر 2019

................
Ahmed Mel Mel‎‏..
..............

لا يتوفر وصف للصورة.


نصيص 10 من روايتي :برنس شاوي
بدت علامات الاحتجاج واضحة لا على مستوى تقاسيم وجه عبّي فقط بل وفي مقوله أيضا:لقد بذلت جهدا هائلا لإلباس هذا النّاطور والّليلة لن تجد الذئاب ما يصدّها عن نعاجي كلّ ما أملك. وكان ردّ بِسّة : اعتبر هذا سلفة ،وبمجرد عودة الوالد سعدالله سأعيد لناطورك كلّ ملابسه،،وعلى مضض قبل عبي بالفكرة ففي كلّ الأحوال سيكون التحاق عليان بالمدرسة أمرا جيّدا ..
كان أحد أطفال الدّوار المجاور في مثل سنّ بسّة، وكان منذ أشهر قد نهشته أفعى وبقي الأهالي ينتظرون مقدم وسيلة نقل تقلّه الى المستشفى المحلي بالقرية المجاورة ،وبعد ساعات من الانتظار ولحظة شوهدت" الكات الكات باشي" قادمة من الجهة الغربيّة أسلم ذلك الصّبي روحه الى خالقه، وكان من عادة الاهالي ان يحرقوا ملابس الميت وهي في أغلب الأحيان أسمال بالية لا تحمي الأجساد النّحيفة من برد الشّتاء أو من حمّارة القيظ ،وبعد أن ووري الصّبي الثّرى عنّ لعبّي - وبطريقة لا يعلمها إلّا هو- أن تكون ملابس الميت من نصيبه وأن يجهّز بها ناطوره،وها أنّ حاجة عليان إلى الالتحاق بالمدرسة أقوى من حاجة نعاج عبّي إلى البقاء وبإصرار عجيب فكّ بسّة بعض العقد الّتى كانت تشدّ الأثواب الى النّاطور والى بعضها البعض ،ثم أصبحت حركاته لطيفة ، ولاح بريق الظّفر من عينيه الجاظتين بفعل الرّمد ، ودون أن ينطق بأيّ كلمة كان كلّ ثوب ينتهي من إزالة ما علق به من تراب يرمي به إلى فافا الّتي بدت هي الاخرى مبتهجة ولسان حالها يقول :إنّه الفرج بعد الشدّة، وفي دقائق معدودات تفرّق بعض الحاضرين هنا وهناك بحثا عن الطّفل عليان الّذي كانت وسيلة البحث عنه ما يصدر عنهم من أصوات وخلافا لمقامات البحث السّابقة فإنّ الطّفل ظهر هذه المرّة ببعض يسر وأمام أعين الحاضرين رمى جانبا بثوبه التّرابي الوحيد فكشف عن جسد أسمر نحيل ،وكان لا يلبس تبّانا فعلقت عجوز من الغابرين :"ربّنا كما خلقتنا" فنهرها الخال محمود :"الّلوم على باباه مكفّن لفلوس في البر الكل وناسي عايلتو".
شرع في ارتداء تلك القطع المهلهلة ،ومن حسن حظّه أنّها كانت مناسبة له ،وبدا أقرب الى حضارة القرن العشرين ... نزع ثوبي المرحوم حمّة :سروال قماشي بلون حبّة الفول المنفّخ وقميص شتوي مأروض كمّه الأيمن قليلا، وبحركات جذلى غسلت فافا تلك الملابس ومن الغد وقبل ان يرتديها عليان أشعلت بعض حبات البخور وقرّبتها من الدّخان المعطّر ...ولم يكن الطّفل عليان مختلفا عن تلاميذ المدرسة صباح اليوم الموالي فكلّهم في الهمّ شرق...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق