...................
عبده داود
................
اختفاء ديانا
هناك سوق كبير في باريس، هو ليس سوقا، إنما هو مجموعة أسواق كبيرة ضخمة يلقبونها بالعملاق، صرح ضخم حضاري ذو طوابق عديدة...
طوابق فوق الأرض، وطوابق تحت الارض... ادوار مخصصة مرآب للسيارات، مكاتب شركات طيرن، شركات تجارية،، البسة وأحذية، عطورات، أطعمة، ، ومقاهي مختلفة ومتنوعة... وفي كل طابق مقاهي ومكان مخصص للأطفال...
كله منظم، وكله مراقب بدقة بواسطة كاميرات وكمبيوترات ومراقبين...
ذلك السوق العملاق له مداخل ومخارج عديدة، وعدد كبير من المصاعد الكهربائية، غير السلالم المتحركة التي تربط جميع الطوابق فوق الأرض مع الطوابق تحت الأرض...
فعلا صرح عملاق، وهو مكان يجد الزائر فيه المتعة لتمضية وقتا طويلا دون ملل...
بعض الزوار يحضرون أولادهم ليلعبوا في القسم المخصص للأطفال، حيث توجد مراجيح، سيارات، قطارات، ألعاب مختلفة، باختصار هو يشبه مدينة ملاهي مصغرة...
إحدى السيدات، زوجة مسؤول كبير في شرطة باريس تعودت الحضور يوميا إلى ذاك السوق هي وابنتها ديانا، يحضرهما الأب قبل ذهابه للعمل المسائي، ثم بعد عودته من العمل يمر ويعيدهما إلى البيت...
الأم تسلم ابنتها الصغيرة إلى مسؤولة في تلك الروضة، لتلعب مع الأطفال... وهي تجلس في المقهى القريب من الروضة مع زميلات لها، تنتظر عودة زوجها من العمل.
كانت سيدة تتردد كثيرا على تلك الروضة وكثيرا ما كانت تحضر معها أطعمة طيبة يحبها الأطفال، توزعها عليهم وتلاعبهم...
تولدت نوع من الصداقة والمودة بين تلك السيدة الغريبة، التي أسمها السيدة لوريس، وبين المسؤولة عن الروضة. وكانت لوريس تحضر معها الحلويات إلى المسئولة، عن الروضة وتحضر مأكولات أطفال إلى الأولاد...
لاحظت المسئولة اهتمام هذه السيدة بالطفلة ديانا، كما لاحظت بأن الطفلة أحبت تلك السيدة التي تجلب لها الشوكولا والمأكولات الطيبة...
ذلك المساء جاءت السيدة لوريس إلى الروضة تلاعب الأطفال كالعادة... وقالت للمسؤولة كنت بالجوار ولم أحضر للأولاد ما يحبونه...
أخذت تلاعب الأولاد، ثم قالت: لن أرتاح إذا لم أحضر للأولاد الأطعمة التي يحبونها، وخاصة إلى حبيبتي ديانا التي تحب الشوكولا، اسمحي لها أن تذهب معي إلى الحانوت المقابل حتى نشتري منه...
طال غياب السيدة والطفلة، وطال انتظار المسؤولة، وأخيرا ذهبت المسئولة بنفسها تستطلع الأمر، لكنها لم تجد أحدا هناك...
خافت المسئولة... وذهبت تسأل أم الطفلة إذا شاهدت ابنتها؟ نهضت الأم مذعورة وصاحت أين أبنتي؟ أين ديانا؟
استنفرت قوى الأمن الداخلي في السوق، أغلقت جميع ابواب المول، كذلك أبواب مرآب السيارات، ونداءات عبر مكبرات الصوت الى ديانا الطفلة وكذلك يا لوريس لكن لا وجود للطفلة ديانا، ولا وجود للسيدة الغريبة التي لا أحد يعرفها.
فشل البحث عن الطفلة داخل السوق العملاق...
انهارت أعصاب الأم، ونقلوها الى المستوصف الخاص في المول...
بعدما فشلت شرطة أمن السوق في البحث عن الطفلة، اضطروا أن يسلموا الأمر إلى شرطة باريس...
طار صواب أبو ديانا الذي يحب أبنته حد الجنون، واهتمت شرطة العاصمة، كثيرا بالأمر. وخاصة أبو الطفلة الذي هو من المسؤولين الكبار في شرطة باريس...
نتيجة البحث في الأفلام القديمة والجديدة المخزنة في الكومبيوترات من هي تلك السيدة، وعرفوا مكان سكنها، داهمت الشرطة بيتها، قال الجيران السيدة رحلت هي وزوجها المقعد من هنا، ولا نعرف أين ذهبا...
وزعت الشرطة آلاف الصور للسيدة وإلى الطفلة في كل مكان. وعبر أجهزة التلفاز، لكن السيدة لوريس تنكرت بالكامل وغيرت مظهرها، ولم تعد تبتعد عن منزاها الجديد سوى لشراء حاجات المنزل ومرة واحدة في الأسبوع...
عجزت الشرطة، وكلابهم، وكاميراتهم... أن يصلوا إلى أي دليل يرشدهم إلى تلك السيدة والطفلة ديانا... كانت الشرطة تنادي في التلفاز أن يخبروا الشرطة عن أي شيء غريب يلاحظوه...
بعد أشهر، أحدهم أخبر الشرطة بان نوافذ أحد المنازل المقابل لمنزله لا تفتح بعدما كانت لا تغلق، كما لاحظ وجود انارة في البيت ليلا عبر الأباجورات المنسدلة تتبدل بين الغرف. مما يشعر بوجود أحدهم بالمنزل...
داهمت الشرطة البيت، وفعلا ووجدوا تلك السيدة هي وزوجها المقعد على كرسي متحرك، ووجدوا عندهما الطفلة المخطوفة...
في المحكمة: عرفوا بأن تلك السيدة لا تنجب، وعرفوا بأنها أخبرت زوجها بانها تبنت الطفلة ديانا، لكن الطفلة لديها مرض في عينيها لا تقدر أن ترى النور لذلك يجب أن نبقي الأباجورات مغلقة...وكانت السيدة تخبر الطفلة الباكية باستمرار، بأن أمها سترجع قريبا لأنها في غياب ضروري...
أترك للقارئ تصور فرحة الأهل بلقائهم ابنتهم، وفرحة الطفلة بلقائها مع أهلها...
عند معاينة الطفلة تبين إنها بصحة جيدة، وتحت بكاء الخاطفة، وتوسل الزوج العاجز، أسقط الأهل حقهم، لكن عقوبة الحق العام لم تسقط.
القصة تأليف
عبده داود
نيسان 2022

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق