...............
حسن مغازي
...........
قصيدة وشاعر/دراسة ادبية
كتب (الدكتور) حسن مغازي وهو عادة ما يعرف نفسه( بشيخ النحو وموسيقار الشعر العربي) قصيدة مطولة تربو أبياتها على مائة بيت في مدح الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي )وتهنئة له بميلاده, أنشدها في (المعهد العالي للدراسات النوعية) ونشرها على حسابه في( فيس بوك) على ثلاث دفعات بدءا من الحادي والعشرين من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) .ونظرا لأهمية القصيدة وأهمية المناسبة وأهمية كاتبها حيث يعرف نفسه بأنه من( فرسان الشعراء ).والشاعر يقول في تقديمه لقصيدته أنه نظمها على فن اللزوميات في قرض شعر العربية . وهو مقصور على (فرسان الشعراء ). الشاعر فيه فارس لا يكتفي بترويض الفرس في الطريق المعبد .لا يكتفي بما يلزم الشاعر من انغام الشعر العربي . انما يسمو الى ترويض الفرس في القنن والهضاب يلزم نفسه بما لا يلزمه في القريض وتلك سمة اقتدار . مشيدا بأبي العلاء المعري الذي نشر ذلك الفن .
والقصيدة من البحر الطويل من الضرب الثاني (مفاعلن)
أقول : نظرا لأهمية القصيدة وأهمية الشاعر فسوف اتناولها بالدرس معرجا على ما فيها إجمالا على ان انشر مقالا مفصلا يتناول القصيدة بيتا بيتا في وقت لاحق . والذي دعاني الى هذه الدراسة السريعة لهذه القصيدة هو منهج (شيخ النحو) هذا في تناوله مختلف مجالات الشعر وما اعتاد على تكراره من اراء الجاحظ وابن رشيق القيرواني وغيرهما من الاقدمين ممن القى شباكه في بحار الشعر والنقد والموازنة بين الشعراء. حيث يشدد السيد (حسن مغازي) على ان الشعر هو (معجم ونغم )اولا .ونجده يكرر العبارة التالية في منشوراته ( الشعر سباحة في مستويات الجمال، والجمال يقتضي حتما انعدام أية درجة من درجات الخطأ والابتعاد نهائيا عن اية درجة من درجات القبح.)
والقصيدة التي اقدم اليوم منها ثلثها الاول مما نشره الدكتور مغازي هي كما نوهت انفا (من اللزوميات) التي لا يخوض بحارها غير فرسان الشعر وفحوله. واللزوميات هو التزام الشاعر حرفا قبل الروي الذي تبنى عليه القصيدة. فالقصيدة التي رويها حرف الباء مثلا في القوافي (يعذب /.يجذب/ يكذب) تجد الشاعر يلتزم حرف الذال يكرره قبل الروي كما هو واضح. وروي القصيدة هو الواو كما صرح بذلك ناظمها ويقول انه التزم الترتيب الالفبائي قبل الروي(الواو) في ثلثها الاول والتزم كذلك فتح هذا الترتيب . والتزم الترتيب الابجدي ابجد هوز قبل الروي الواو في الثلث الثاني .اما في الثلث الثالث فقد التزم الترتيب الصوتي الذي رتب به الفراهيدي الحروف حسب مخارجها مبتدأ بحرف العين .
* عندي بعض الملاحظات الاولية قبل البدء في عرض وتقييم هذه القصيدة:
١ - البحر الطويل يعد من البحور التي تتميز بالفخامة في الموسيقى والرزانة في الايقاع وطول النفس ويستعمل غالبا في شعر الحماسة والفخر والقصص ونظمت فيه القصائد الجزلة الفخمة وكان وعاءا لثلاثة من معلقات العصر الجاهلي والكثير من روائعهم مثل لامية العرب وغيرها من عيون الشعر .الا انه مع الاسف اصبحت عذوبة هذا البحر كالبحر الميت ملوحة وزبدا في قصيدة حسن مغازي التي نحن بصدد دراستها
٢- لقد استنكر حسن مغازي على الكثير من الشعراء الذين كتب عنهم ومنهم الشاعر المصري (احمد غراب) استنكر عليهم لجوءهم الى الضرورة الشعرية ممثلا الضرورة الشعرية عندهم (كعارضة للأزياء فاتنة وفي وسط بهجة الحاضرين والاضواء الباهرة والموسيقى الخافتة تطلق ضراطا او فساءا .وانا هنا اعتذر عن ذكر هذا التعبير ولكنّ الدكتور المذكور هو من أطلقه وبثه وانا مجرد ناقل لما قال ) .وإننا نجد ان حسن مغازي استخدم ولجأ الى ضرورات شعرية اكثر مما اطلقته العارضة الفاتنة .
٣- لقد وقع حسن مغازي في اخطاء عروضية قد يغفرها القارئ لو صدرت من غيره ولكنها لا تغتفر من أمثاله من (جهابذة علم العروض والقافية )
٤- إن حسن مغازي( توهم نفسه مادحا وهو يذم والسبب هو عمق الجهالات ولا نتهم النيات ) وهذا كلامه بالحرف الواحد قد انطبق عليه في هذه القصيدة كما سيلاحظ القارئ العزيز لهذا المقال
٥- ان الذي منع الناس من الاشارة الى ما وقع فيه مغازي من اخطاء كثيرة يرجع الى اسباب عديدة لعل اهمها هي المجاملات على حساب الحقيقة والخوف من الرد والنقد لكون الممدوح هو الرئيس ولا يريد الناس التورط في اي نوع من هذا النشاط مهما بدا بريئا فقد يتحول الى تهمة كبيرة .
وختاما لملاحظاتي فإنني اعطي دكتور حسن مغازي حق الرد دفاعا عن قصيدته كما ارحب بكل رد بناء من السادة القراء
١-(حليم وفي الميدان خيل له استوى
قوي وفي التحنان قلب وما أوى )
هذا هو مطلع القصيدة
الفعل استوى يأتي مع المذكر نقول : (الرحمن على العرش استوى) فهل استوى هنا الحليم او الميدان او الخيل ؟ فإن كان الحليم استوى ،فعلى ماذا ؟ وإن كان الميدان فكل ميدان هو مستو بالضرورة فأين وجه المديح . وإن كانت الخيل فينبغي ان يقول استوت وما معنى الخيل تستوي؟
وعجز البيت اكثر تهافتا من صدره ، فما معنى (قوي وفي التحنان قلب ) وما هو الربط بين الحنان والقوة . وحملة (وما أوى) مقحمة اقحاما لأجل اقامة الوزن .
والفعل أوى يأوي فعل مصنف نحويا على انه فعل لازم فقد وردت في التنزيل في سورة الكهف (أرأيت إذ أوينا الى الصخرة،)
اما إذا كان القصد آوى فابيت يختل عروضيا .
٢- (وفي عيد ميلاد الهصور تجمعت
لديه خصوم الامس باءت وما بوى)
هذا البيت اشد تهافتا من سابقه. فما معنى ان تتجمع خصوم الامس لدى الرئيس في عيد ميلاده ؟ هل جاؤوا لكي يحتفلوا معه ؟ وكيف باءت خصوم الامس ؟ وبماذا باءت؟ اوليس من الافصح ان يقول باءوا بدلا من باءت ؟
الباء والواو والهمزة تعطي معان تدور كلها حول الرجوع والمساواة كما قال صاحب معجم مقاييس اللغة, ومنها اشتقت كلمات مثل المباءة وهي منزلة القوم حيث يتبوؤون . والمباءة هي منزل الابل حيث تناخ في الموارد، ومنها البيئة ويقال بات فلان ببيئة سوء . ومن المساواة يقال ان فلانا لبواء بفلان اي انه إن قتل به كان كفوا له ،ومن هذا الباب قولهم هم في الامر بواء اي سواء ونظراء ، ومنه قول مهلهل ( بؤ بشسع كليب) .فماذا يريد الشاعر ان يخبر القارئ لكي يفرحه بميلاد الرئيس القائد .؟
٣- واتجاوز بعض الابيات المتهافتة لكي اصل الى البيت الخامس من القصيدة يقول فيه
٥- ( وعبد لفتاح عليم رئيسنا
مشير هو السيسي بقلبي له الجوى )
هذا البيت هو أوهن من بيت العنكبوت لو يعلم شيخ النحو .فالرئيس اصبح ( عبدا) لفتاح من الفتاحين وليس (عبد الفتاح )الذي هو الله . فقد يكون عبدا لفتاح الفأل او عبدا لفتاح المندل او عبدا لفتاح العلب او لأي فتاح من الفتاحين ومنهم الست (عنايات) التي كانت (تفتح ) . ورئيسنا مشير هو السيسي! يا سلام على هذه الاضافة . ولماذا خففت ياء النسبة في كلمة السيسي ؟ الم تشدد النكير ٱنفا على شاعر خفف ياء النسبة ومسحت به الارض بسبب هذا (الخلل الفاحش) الذي لا يليق (بالشعراء الفرسان) وها انت تسقط في نفس الجب لأنك ان خففت ياء النسبة تكون قد خالفت النحو وإن شددت الياء إختل عندك الوزن .ففضلت خرق قواعد النحو لكي يقال عنك شاعر. أما جملة( بقلبي له الجوى) فقد جاءت مقحمة ملتصقة كالذيل لتكملة تفعيلة البحر الطويل الذي يبدو انه قطع انفاس الشاعر واستنفد طاقته وهذا ما يلاحظه كل قارئ له بعض الالمام بالشعر وفنونه في اغلب ابيات هذه القصيدة .
أما اغرب ما في هذا المديح فهو ان الشاعر يمدح رئيسه بهذا البيت المميز الذي كرره مرتين إعجابا بهذه الصورة
(وتقصم أعداءا وتحيي أحبة
كأنك تمر بابلي بلا نوى)
وأقسم بالله لو كان الممدوح بهذا خليفة من خلفاء أيام زمان لأوجع ظهرالشاعر بالسياط يا حسن مغازي . وهل بلغت الجرأة أن تشبه الرئيس بالتمر وأي تمر ؟ الذي بلا نوى ! ماذا تقصد بهذا؟ ان الرئيس جاهز لأن يؤكل بسهولة اكل التمر بلا نوى . ! وماذا يكون مصير الرئيس بعد ساعات من اكله ؟ اتراه يبقى في البطون ام يستقر به الامر في الصرف الصحي ؟! ومن خدعك وأقنعك بأن التمر البابلي ( إن كان هناك تمر يسمى بالبابلي - بل يوجد تمر حلاوي والحلة مدينة حديثة بالقرب من بابل التاريخية -) هو من اجود انواع التمور ! ؟ ولماذا اخترت التمر تشبه به الرئيس ؟ والفواكه أمامك كثيرة وعديدة . وما به تمر( عجوة) الا ينفع ان يكون الرئيس تمر (عجوة) المبارك ؟ عجبي لا ينتهي !
اجدني مضطرا للتوقف الى هنا على ان اكمل الموضوع قريبا فليترقب القارئ العزيز