.........................
: حسام الحريري
....................
((((من بلاغة التعبير القرآني حذف المهمل الحقير ولو على غير قياس مطرد في النحو وتأخير الجليل الأثير وتصديره بعد التمهيد له ))))
انظر إلى:
حذف( قوم) من قوله تعالى:
{مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)}.
وتأخير (رجال) في قوله تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (36) رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (38)}.
في الآية الأولى
تقتضي قواعد اللغة أن تكون الآية على هذا النحو:
(من الذين هادوا [قوم] يحرفون الكلم)
ولا مسوغ نحوي لحذف المسند إليه في هذه الحملة ولكن التعبير القرآني أهمل ذكر القوم احتقارا وانتقاصا لقدرهم ألا ترى أنه حذف الموصوف حتى يستقر الوصف(يحرفون الكلم) في ذهن المخاطب حتى يشمئز من ذكرهم واستحضارهم
وهذا من دقيق لغة القرآن
وعكسها تأخير الفاعل إلى آخر الجملة في الآية الثانية تشويقا
وتشريفا
فالجار والمجرور(في بيوت) يجب أن تتأخر بعد الفعل (يسبح) وبعد الفاعل (رجال) لأنها مكان التسبيح وظرف لوقوع الفعل (يسبح)لذلك يجب أن تأتي بعده رتبة
وعليه ترتب الآية وفق الرتب النحوية المعروفة على الشكل الترتيب الآتي:
يسبح له رجال في بيوت أذن الله أن ترفع
ولكنه قدم شبه الجملة في بيوت على الفعل والفاعل للحصر والقصر أي أن التسبيح يكون في بيوت الله بعيدا عن التجارة والبيع
وأخر رجال ليتسنى له رسم صورتهم من خلال أفعالهم قبل ذكرهم حتى تتشوق النفس لمعرفتهم
والله أعلم
بقلمي: حسام الحريري

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق