الاثنين، 5 أغسطس 2019

.........
ا.د/ محمد موسى
...........

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏


" من مذكرات استاذ جامعي "
" إعترافات زوج في اليوبيل الفضي لزواجه "
كنت قد تزوجت منذ حوالي 25 عاماً من فتاة جميلة ، ومن عائلة محترمة من الأسكندرية البلد الذي ولدت ونشأت فيه أمي ، والزواج يمكن أن نضعه في خانة زواج الصالونات ، لأنه كان زواجاً بدون سابق معرفة ، وهي فتاة جد رقيقة ومثقفة وتعرف عن الحياة ما قد تجهله الكثيرات في مثل سنها ، وهي أيضاً في مثل سني وإن كان يفصل بيننا شهور أربعة ، وفي بداية الزواج كان لابد من الوصول إلى لغة مشتركة لكي تستمر الحياة بيننا ، فأنا من بيئة وتربية تختلف عن بيئتها ومؤكد طريقة تربيتها ، والمثير أننا لم نأخذ لا وقتاً ولا تصادمات حتى نصل إلى فك شفرة التفاهم والوصول إلى اللغة المشتركة ، وأعترف أنها مارست الصبر وضبط النفس كثيراً معي في بداية حياتنا ، فكان أول قرار إتخذته أن يكون في بيتنا لكل منا غرفة للنوم مستقلة ، قراري هذا لكوني عشت في أوربا مما جعلني أرى من وجهة نظري مميزات أن يكون لكل من الزوج والزوجة غرفة نوم مستقلة ، ورغم غرابة رغبتي أما الجميع ، ومحاولة إقناعي أن نوم الزوج والزوجة معاً يدعم الحميمية بينهما ، إلا أنني كنت أصر على رأي ، ثم أنها بعقلية متفتحة قد وافقتني ، والأمر الأخر أن الفوضى في مكتبي هي قمة النظام عندي ، وهي للحقيقة سيدة منظمة في كل شيئ وصبرت عليَ حتى غلب طبعها طبعي ، وساعد على هدوء الحياة بيننا أنني إنسان هادئ الطبع وصوتي لا يعلو في البيت بشكل يزعج الأخرين ، ومر 25 عاماً على الزواج فجلست في مكتبي أكتب عن سنوات سبقت ، وتحقق فيها ما تحقق ، وأنظر إلى حالي الأن وما أضافته هي والأيام إلى كتاب حياتي ، وجدت أن الله بفضله أنعم عليَ منها بولدان يفصل بينهما 11 شهر وكأنها توأم ، تعلما أفضل تعليم وأصبحا رقماً غير عادي في أرقام النجاح في بلدنا ، ويشغلان مركزاً غير عادي ، وعندما أراجع تربيتهما ونجاحاتهما لابد إن كنت منصفاً أن أسجل الكثير من الفضل لتلك السيدة المبتسمة دائماً ، والتي لم أسمع منها أبداً شكوى منهما ، كانت دائماً ما تقول لي ونحن معاً ، تفرغ أنت فقط لكي تنجح في حياتك وتحقق مركزاً يليق بك ، وباقي البيت والأولاد هم شغلي أنا ، فكل نجاح تحققه أنتَ هو نجاح لي وأولادنا ، فكنت أسافر آخر العالم وأعود فلا أجد إلا بيتاً منضبطاً بالحب الذي أشاعته هذه السيدة ، وكأني أبداً ما غبت وتركتهم كل هذا الوقت ، تسألت اليوم عن الهدية التي تليق بها في هذه المناسبة ، فأخذت أفكر حتى وصلت إلى نتيجة أن أي هدية لها لن تليق بقدرها عندي ، فما كان مني إلا أني أحضرتها لمكتبي وسألتها ، ماذا تريدين هدية مني ، فكان جوابها صادماً عندما أخبرتني أن أكبر هدية تمنتها في حياتها قد حققها لها الله أن تتزوج برجل مثلي ، وأن يرزقنا الله بأولاد مثل أولادنا ، وتتمنى كل السعادة لي وللأولادي ، كتبت هذا الكلام عندما قرأت أن نسبة الطلاق في بلدنا الإسلامي تقترب من 50% وبالدقة 47.7% ، وأن 90% من هذه النسبة تحدث في حالات زواج حديثة لا تتجاوز 3 سنوات ، وتعجبت من مجتمع تحدث فيه حالة طلاق كل 6 دقائق ، ومحاكم تمتلئ بمتخاصمين كان بينهم في يوم من الأيام الميثاق الغليظ.
ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق