الأربعاء، 16 مايو 2018

بقلم

عبدالله محمد الحسن
*******************


. (( أمل على قيد الحياة )) .......
قصة قصيرة .......الجزء الرابع
تحدثت طويلا عم يخالج وجدانها من ذكريات الماضي الموجعة التي اعتصرت قلبي ألما وحسرة
فتوقفت فجأة وكأنها أكتفت بهذا القدر
ثم قالت آسفة عامر لو أطلت عليك فلربما لديك أشياء تقوم بها وانا أعلم يقينا بأنها لا تود مفارقتي
قلت لدي ماأقوم به اليوم ولكن لم يحن الوقت بعد
فأنتي أهم أشيائي هيام
قالت صحيح ماتقوله عامر
قلت نعم
قالت هل تصدق
قلت وبدون أي شك
فأنا لم ألمس إلا روح الصدق بكلماتك
قالت لم يخني إذا إحساسي
فأنت ذاك الشيئ الذي أبحث
عنه منذ زمن
ولا تعلم بأنها تتكلم عما يجول بخاطري
عامر لا أعلم مالذي يشدني إليك
فاوالله مامن سواك رمم تلك التشوهات بصورة الرجل الذي رسمها الزمن بداخلي
قلت هيام
ماتتحدثين به
هو الشيئ ذاته الذي أعادني لحب الحياة أكثر
بسبب وجودك بها
قالت ماأسعدني بك عامر
وماأسعد ذاك اليوم الذي عرفتك فيه....بالمناسبة
قلت تفضلي
قالت ديوانك الشعري بات بحوزتي وقد شاطرني وسادتي ليلة أمس
يالله كم أحسست بلذة قربك عامر
قلت وكيف وجدتيه
قالت بلغة الواثق
والله لم أجد ولم أقرأ
أصدق من هذا الإحساس
قالت عامر ثم صمتت
وأنا أسمع صوت أنفاسها بأذني
قلت ياقلب عامر
قالت أنا محتاجة إليك
قلت بلاتردد وأنا بحاجة إليك أكثر هيام..أحبك أحبك أحبك
وكأن بركانا نفث عم بداخله من حمم
أخرج كلا منا مابداخله من تلك العواطف المتراكمة
التي اكل الدهر وشرب فوقها
سقطت كلماتها على خافقي كالغيث الماطر
وكأن ذلك الأمل الذي صليت عليه أربع تكبيرات بيوم ما
هاهو يتململ كالمارد من جديد
ولم يزل على قيد الحياة
وقد أتقدت مجددا تلك الجذوة المنطفئة
تحدثنا مطولا وباحت أعماقنا بكل ماتنم به الروح من كوامن الأشياء
لكن صفة الخجل ورداء الحياء
لا يزالان يأخذان منها مأخذا
فأحببت أن أختصر من حلاوة الحديث خشية الإفراط وخشية إحراجها
قلت هيام
قالت ياروح هيام
سأستأذنك حبيبتي
قالت بأمان الله عامر أنتبه لنفسك سأشتاق لك كثيرا
قلت وانا أكثر .....سلام
قالت سلااام
لم تطاوعني نفسي أن أغلق بوجهها الخط
فتريثت متعمدا حتى أجبرها بإغلاق الإتصال
لكنها لم تحرك ساكنا ولم أزل أسمع صوت أنفاسها
قلت لماذا لم تغلقي هيام
قالت أنتظرك حتى تغلق أنت
قلت وأنا تعمدت هذا والله حتى تغلقي أنت قبلي
قالت لن أغلق بوجهك عامر
فقلت لدي حل
قالت ماهو
قلت نعد سوية وعند الرقم ثلاثة نغلق....موافقة
قالت حسنا
فبدأنا بواحد أثنان ...ثلاااااثة
لكنه لم يتغير من الأمر شيئ
وأعدنا الكرة لكننا عبثا نحاول
وفي المرة الثالثة أنقطع ذلك الحلم الجميل
لكن نشوة عارمة من السعادة غمرتني
وتسلل بأرجاء جسدي نشاط غريب
وكأن هذه المكالمة نقطة تحول ساحرة
قد حولت شتائي إلى ربيع
وصحرائي القاحلة الجافة إلى واحة خضراء
أرتديت ملابسي وتوجهت إلى حي قريب من مكان إقامتي لزيارة أحد أصدقائي بشأن البحث عن عمل
لم أوفق بإيجاد عمل فالأزمة الأقتصادية التي تتأثر بها البلد أنعكست سلبا على العامة
ولكن رغم كل هذا لم تتأثر نفسيتي بشيئ وعدت بعد ساعتين صفر اليدين
لم يخلو الأمر من الوعود الكاذبة من قبل أصحاب العمل
فعدت إلى البيت مارا بسوق الحي الذي يعج بعامة الناس
فالطقس رائع هذا اليوم هاهي الشمس قد بسطت أشعتها المتوهجة فوق بساط هذا الكون الفسيح لتعلن بداية فصل الربيع
لم تقودني قدمي إلا لطريق البيت فأنا أتوق لاحتساء قدح من الشاي على الشرفة
فتحت الباب وفوجئت بصوت أبي الفوارس متحدثا على الهاتف
كعادته مع أم الفوارس لكن هذه المرة تعلو وجهه فرحة غريبة
فاتحا فمه ضاحكا مما يريك أسنانه المكسرة وبقايا نواجذه المسوسة رفع رأسه محولا بصره قبالة الباب
حييته بيدي اليمنى دون التكلم حتى لا أقطع عليه محادثته الرومانسية مع ام عياله
رد علي التحية بهزة من رأسه متابعا كلامه
ملئت قدحا من الشاي من الإبريق الملقى أمامه وخرجت إلى الشرفة
وفوجئت بملابسي قد غسلت ونشرت على الشرفة
نعم إنه أبي الفوارس لا يمكن لسواه أن يفعل ذلك
فهو الصديق الحميم الذي طالما يغسل ملابسي ويقوم بكوي قمصاني وكثيرا مايعرض علي بعض ملابسه كي أرتدي منها عندما يراني أتهيأ للقاء ما
أو عند زيارة بعض أصدقائي
لم يحرمني حتى من ثرثرته الرائعة وإزعاجي بصوت هاتفه المرتفع
قطع تفكيري صوته مجددا صارخا عامر عامر...أين ذهبت
تعال تعال
تعال بارك لأخيك
توجهت إلى الغرفة قائلا خيرا إن شاء الله
هل جاء لبقرتك المباركة عريس
أضحكه ماقلت حتى بدت نواجذه المكسرة المسوسة
قائلا قديمة وراح متابعا بقرتي حامل وبالشهر الرابع
مس قلبي سعادة عارمة لما وجدت من سعادته وفرحه
قلت ألف ألف مبارك
ولكن ماذا ستسمي المولود الجديد هل ستسميه كواسر
حتى أناديك بأبي الكواسر
تجاهلني وقال هل تعلم بأن المجنونة زوجتي كانت تود بيع البقرة من قرابة أربعة أشهر
لكنني رفضت
لأنني رأيت جدي في المنام يقول لا تبيع البقرة ياعلي
حتى النعجة الشقراء ولدت خروفا عامر
قلت مازحا كيف يخبرك جدك عن البقرة ولا يخبرك عن النعجة بأنها ستلد خروفا
قال معقبا لكلامي مستهزئا لأن البقرة أهم ياذكي
لكن أسمع ماسأقوله لك
قلت تفضل
قال أريد شراء هاتف كي أرسله
لعائلتي حتى يتمكنوا من التواصل معي أفضل من ذهابهم لمكتب الإتصالات فبماذا تنصحني
قلت ألم أنصحك بشراء هاتفك هذا من قبل
قال بلا
قلت فكيف وجدته
قال رائع
قلت أشتري مثله إذا
قال على رأيك وصمت
أخرجت أوراقي وأنا أتهيأ لجلسة الكتابة
قلت أشكرك صديقي من كل قلبي على غسل ثيابي
ففضلك علي دائما سابق
قال اصمت يارجل فنحن أخوة
لكن قل لي أأشتري نفس هاتفي هذا ام أشتري....وراح يحك شعره الأشيب متفكرا
قلت وهل كنت أغني بالطاحون
وأنا أهم بالكتابة غير عابئا بمايتكلم
فقال أتوسل إليك دعك من الكتابة الآن
أريد التحدث معك
تعال إلى هنا وقل لي لماذا لم تعطني نسخة من ديوانك الجديد
ألم تعدني
قلت وأنا أحاول التفكر بما سأبدء بكتابتي
لم يصلني إلا ست نسخ والله ثم إنك لا تجيد القراءة جيدا فماذا ستفعل به
قال أحتفظ به ذكرى عزيزة منك
لعلنا لو افترقنا لن نجتمع ثانية
أرتجف قلبي مما لامس من صدق كلماته ووفائه
توقفت عن الكتابة وقلت لك أجمل نسخة أيها الصديق العزيز
لكنك ستمهلني حتى يرسلوا إلى الدفعة الثانية
وسيكون لك ماطلبت
قال حسنا
ولكنك لم تقل لي
قلت بشأن ماذا
قال بشأن الهاتف
قلت يووووه ألا يكفيك ثرثرة
بالله عليك دعني أكتب أفكاري قبل أن تتبخر
فقفز كالمجنون وجمع كل الأوراق التي كانت أمامي
قائلا وعزة الله لن أدعك تكتب شيئا جاحظا بعينيه
قائلا بلغة المتحدي هل تصارع
انفجرت ضاحكا لحركاته الصبيانية مستسلما لرغبته الملحة
وراح متابعا أريد محادثتك يامجنون
توقع لو أن أحدنا أضطر للسفر ألن نبكي حسرة على تلك المواقف
ونتذكر تلك المشاحنات
يرشف من قدح الشاي
يضعه امامه
ويقوم بترتيب أوراقي متحفظا بها
قلت صدقت والله
فقد أثارت كلماته الأخيرة بداخلي شجنا عميقا مما جعلني
أنسى نفسي معه بجلسة مطولة تحدثنا فيها عن أشياء كثيرة أثارت ضحكي في كثير من مواقفه الخفيفة الظل
خرج أبي الفوارس من البيت
وألتجأت إلى الشرفة من جديد
كان سامر احد رفاقنا يقوم بإعداد طعام العشاء
بينما رحت أقرأ رسائل واردة على هاتفي من هيام بفترة جلستي وانشغالي مع ابي الفوارس
تقول فيها
كيف حالك عامر
أشتاقك جدا
يامن أحسست بقربك بأنني أنثى
أحبك
أحبك
أحبك
سأنتظرك مساءا حبيبي
سلام
شوقا يلح وأيام تتساقط بخريف العمر
وجوه ترحل
وأخرى تقف معذبة
وذكريات رثة مهترئة لا زالت تنزف فوق أكوام الضجيج
وأحلام خائفة صامتة تتدثر خلف ستائر الخجل والحياء
مصلوبة على أرصفة الإنتظار
والأمل ......
لم يزل على قيد الحياة ......يتبع
بيروت ٢٠١٨/٥/١٦

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نص‏‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق