ديوان أكاليل الإلكتروني لسفراء القلم

.........

بن حدو سلوى. المغرب

........

فاجعة اقليم الحوز

حلت عطلتي، شدني الحنين إلى أهلي ،لم أتردد وانا أشد الرحال الي قرية الحوز لأستمتع بلحظات دافئة بين أحضان أمي. 

وصلت وأجنحة الفرحة تحلق بي على سماء قريتي، وأنا على جيدها أتغنى بأهزوجة من عبق دافقي .

انتصف النهار، سمعت انفجارا ضخما صك سمعي ،فارتجف جسدي وتسارعت نبضات قلبي، بإحساس الأمومة ارتميت على جسد صغيري، أضمه بجسد مرتعش، حاولت أن أهرول به بخطى خفيفة ،لكن الرعب شلني، تجمدت في مكاني. وصوت التحطيم أقرب إلى أذني من صوت ابني، لم أعد أميز بين الاتجاهات بضربات الحجارة التي تتساقط على المكان وأنقاض الجبل يحيط بي، مع الذعر الصراخ والعويل. 

تلك اللحظة أنظر إلى أمي رمز الأمان الحقيقي لي ،وكلما هوت أجزاء الصخرة عين المكان، يفقد جسمي شعور الحركة ، ويدي متمسكة بصغيري حتى لاتنفلت عنه أصابعي، أصرخ كالمجنون فقد عقله، ولا كلمة تنبس بها شفتي غير الاهي، امي أمي وهي تشد اذيال فستاني وتنادي بنيتي، وزوجي يتعثر بجلبابه كلما حاول الهروب كالعاجز يتدحرج تارة وينزلق أطوارا على أكوام الحجارة المنهارة من الجبل، ويده معلقة تحت الركام .

أصوات لاتنقطع عن اليمين وعلى الشمال بلا حول ولا قوة إلا بالله، وكلما نظرت إلى أسفل بدا لي مرتفعا ،إلا وأسحب جسمي ،لكن برودة غريبة تثبت قدمي على الأرض، لم أجد حلا إلا أن أغمض عيني لأتوهم أني نائمة أحلم وأنه مجرد كابوس من أضغاث أحلام. .

بعد انقطاع الصوت، وبعد أن عادت السماء إلى لونها الطبيعي، تبسمت فرحة لسلامة أفراد اسرتي، قبل أن أرى رؤوس أهل قريتي بعضها يطل من الأنقاض، والآخر معلق تحت الركام ، ومنهم من لقى مصرعه تحت الأوحال وسقوط أطنان التراب.

الألم ومرارة الفاجعة عصرت قلبي بالأسى والتدمر، على من كان عاجزا حتى- على الأقل -على انتشال جثث تحت ركام الرمال. 

خرجت من النكبة بدرس عن الحياة ودروبها التي تتعثر فيها الأقدار ،نجتمع ونفترق وقد نلتقي ونرحل.

بن حدو سلوى. المغرب