الأحد، 30 يونيو 2019

...........
حمادي أحمد آل حمزة الجزائر
...........

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏قطة‏‏


قصة حقيقية
عائلتي والقط
أحضره ابني ذات رمضان منذ سنتين خلت من حديقة عمومية ، وجده في يوم ممطر ، جاء إليه محتميا من الغيث ، فساعده ، ومدّ إليه العون ، ثم استشارني في جلبه إلى البيت فقبلت على مضض ، لعلمي أن ابنتي ذات العشرين ربيعا تخاف القطط ، وكذلك زوجتي لا تحبذ هذا النوع من الحيوانات ، بالإضافة إلى صغره ، وعدم وجود أمه معه لترضعه وتهتم به ، ولكن عند وصوله إلى البيت فرض حبه على الجميع ، وقام الكل إلى رعايته ، والإحسان إليه ، فالزوجة اخترعت رضاعة اصطناعية ، من حقن الدواء وتغيرها كل مرة ، وأنشأت ابنتي المفارش والمطارح حتى ينام عليها وأحضرنا أنواع المأكولات اللحمية نتودّد بها إليه ، فظهرت عليه علامات الألفة لأفراد العائلة ولعب معهم ألعابا تضاحك الكل لها وملأ البيت حبورا فنحن ليس لنا أطفال صغار ، لذلك كان يحتسب واحدا من أفراد العائلة ، وتفننوا في التسميات ، وكلما نادوه باسمه يرد عليهم بموائه فازداد أفراد العائلة تعلقا به ، وأكثر من حركاته البهلوانية حتى أصبح حديث الخاص والعام حتى الجيران ، تعلقوا به , وأحبوه .
رمادي اللون ذو عينين قسطلية اللون ، بدأ يكبر بسرعة ، إثر الاهتمام به ، فبادلنا حبا وتعلقا بالعائلة ومواء كلما أراد الخروج لقضاء حاجته ، وعرضته على الطبيب بعد شهرين من ولادته ، وتم تلقيحه بمضادات الأمراض والحساسية ، فأضحى السؤال عنه من الأقارب ومن الجيران مألوفا ، ولكنه ميّال إلى الزوجة أكثر إذ أخذت النصيب الأوفر من التربية حيث تهتم بأكله وغسله ، فمال عليها حبا وعناقا بل كان يدافع عنها في بعض الأحيان ، ويوقظها إلى صلاة الفجر من كل يوم فتوقظني بدوري ، ليس من باب معرفته للصلاة والآذان بل لحاجته إلى الأكل والفطرة ، لا يأكل اللحم النيئ بل المطهو ، مشاغب بطبعه ، يترك بصماته لدى كل من داعبه ، ويحاول الدفاع عن نفسه بشراسة بالغة ولكنه يستشعر حنانا لدى أفراد الأسرة كلما داعبوه ، فيزمجر للدلالة على عدم قدرته اللعب أو لمزاجه ، فتنهر الزوجة الفاعلون بعدم الإساءة إليه ، فينهض ويذهب إليها ، كأنه يحس بأنها الحامي له في البيت ، ويستند إليها ، ويراقب حركاتها ويؤنس وحدتها كلما غاب أفراد الأسرة ، فتكلمه , ويردّ عليها بمواء كأنه يقول لسان حاله لقد فهمت ، أنا معك ، أنا جوعان ، فتغلغل حبه إلى القلوب وأسرها ،
خرج ذات ليلة وجاء صباحا على غير عادته منهك القوى ، وحالته مزرية فذهب إلى حيث الزوجة يوقظها من نومها ، فرأت حالته ، وحاولت مواساته ، وسمعت أنينه وسارعت إليه واستيقظ بقية أفراد العائلة ، حملته إلى البيطري وانتظرته حتى فتح عيادته فعرضته عليه ، فقال لقد لدغ وحالته حرجة جدا وأعطاه حقنا وريدية ، وضرب لي موعدا بعد الغد ، لمراجعة البيطري ، ووجدت أفراد العائلة ينتظرون أمام باب البيت الخارجي وألف سؤال على محياهم فأخبرتهم ماذا فعل البيطري وحالته ، وما يجب أن نفعله ، فكان ينظر إلي والى الزوجة بعيون غائرة وأحضرنا الأكل ولكنه امتنع عنه ، وازدادت حالته سوءا وأخذته إلى البيطري في موعده ولكنه بعد الفحص أخبرني أن حالته ميؤوس منها ، وأنه ينتظر ساعته ليفارق الحياة ، فحملته إلى البيت ، وهو يتفرّس وجوه أفراد العائلة واحدا واحدا كأنه يودعهم ، فدب الحزن والصمت والمراقبة ، وفعلنا ما بوسعنا لكن إرادة الله أقوى وسلّم أمره لله ، فبكاه أفراد العائلة بكاء مرا ،وتداولوا على حمله من مكان إلى آخر، وكنت أنهاهم وفي حلقي غصّة ، وحملته في السيارة خارج المدينة وحفرت له حفرة ودفنته فيها ، وقد تركت حزنا يخيم على البيت بمفارقة قطنا الجميل .
حمادي أحمد آل حمزة الجزائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق