الجمعة، 31 مايو 2019

..........
) الدكتورة مفيدة الجلاصي )
..........

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏زهرة‏، و‏نبات‏‏ و‏طبيعة‏‏‏


المزايا الروحية للدعاء
في الحقيقة اخترت هذا الموضوع اليوم وهو يوافق السابع والعشرين من رمضان أي ليلة القدر وهي الليلة المباركة فيها االدعاء مستجاب بحول الله ولذلك خصص الله تعالى سورة "القدر"لجلالها وعظمتها فقال :" انا انزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر" صدق الله العظيم
واذ شئنا تناول موضوع أهمية الدعاء ومزاياه الروحية على الانسان فلكي نؤكد على الدعاء من أصول العبادة لأنه هو الرابط بين الله وعبده لان الانسان في دعائه انما يعبر عن تقربه من الخالق وهو في أقصى حالات الضعف فيطلب من الله العفو والمغفرة ويتضرع اليه في خشوع ليفرج همومه وكروبه ويرفع عنه الشدائد والأزمات لذلك أمر الله المؤمنين بالدعاء فقال :" وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" (غافر 60)
وهنا يتجلى في الاية الكريمة ان الله اعتبر الدعاء عبادة والمستكبر عنها سيناله غضب منه
وفي الدعاء يجد الانسان شفاء لنفسه وروحه وقلبه لما يشعر به من راحة نفسية كبيرة اذ يتخفف من همومه ومشاكله وأحزانه عندما يطلب من الله الفرج فيفضي اليه بما الم به من ضيق وألم وذلك يجعله مطمئنا لأنه شكا الى الله شجنه وهمه وحزنه وطلب منه الرحمة والفرج من الضيق الذي الم به وفي ذلك تعبير عن الايمان بقدرة الله تعالى على الاستجابة فقال :" واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " ( البقرة 186)
وليس الدعاء في الضراء فحسب وإنما هو أيضا في السراء وهذا الذي يطلبه الاسلام ذلك ان دعاء العبد في أوقات الشدة والعسر امر طبيعي لانه قد يعرض عن أوامر الله فيغتر ويصيبه الكبر بمجرد ان يستجيب له لذلك حذرنا من الجحود لفضل الله تعالى فقال :" واذا انعمنا على الانسان اعرض ونأى بجانبه واذا مسه الشر فذو دعاء عريض " (فصلت 51)
وقال ايضا :" واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه( اي استغاث بنا مضطجعا لجنبه) أو قاعدا او قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون " ( يونس 12)
ولذا لا يجب على العبد ان يجحد وينكر فضل الله عليه بعد ان استجاب له وخلصه من همومه وكروبه بل المطلوب منه أن يتخذ ما مر به من أزمات دافعا وحافزا على التمسك بالله والايمان الذي لا يفتر في طاعة الله وحسن الظن به
ولا يفوتنا ايضا أن الدعاء دليل على ما يتمتع به العبد من سمو روحي يجعله يترفع عن شهواته ونزواته التي لا حد لها فيضع لها حدا ولا يغالي في اتباع أهواء نفسه وهذا يجعله شاكرا لأنعم الله عليه فعلمنا الدعاء على لسان أنبيائه ورسله والصالحين من عباده فقال :" رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء" (ابراهيم 40)
رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي " ( الأحقاف 15)
"ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب " (ال عمران 8)
"ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين " ( البقرة 286)
" ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " (الأعراف 23)
"رب فلا تجعلني في القوم الظالمين " (المؤمنون 94)
"ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين " (يونس 85)
"ربنا اتنا من لدنك رحمة وهيء لنا أمرنا رشدا " ( الكهف 10)
"رب اشرح لي صدري ويسر لي واحلل عقدة من لساني يفقتوا قولي'" (طه 26 /25)
"ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة" ( البقرة 201)
ان تلك الايات انما قصها الله علينا لندعوه بها في أوقات الشدة حين نمر بظروف صعبة قاسية فنتوجه بها اليه طالبين الفرج منه سبحانه وتعالى
وهكذا كان للدعاء فضله الكبير على النفس العليلة وما يعانيه الانسان في هذه الدنيا من مصاعب وأزمات يكون فيها ضعيفا وعاجزا فلا يجد عندئذ الا ربا كريما رحيما بعباده يلجأ اليه خاشعا متضرعا يطلب منه الفرج القريب للنفس والروح اذ يجد الأمان والطمأنينة فيغدو بذلك الدعاء منبعا منه نستمد قوتنا وتمسكنا بالايمان الصادق والخالص لله الخالق الواحد الأحد هو مولانا وولينا سبحانه وتعالى ولذا وجب أيضا ونحن ندعو أن نحسن الظن بالله وأن ندرك انه قريب بل هو اقرب الينا من حبل الوريد وهو المستحيب وهو الرحمان الرحيم يعلم ما في النفوس ويعلم السر وأخفى
فلنكثر من الدعاء في سرائنا وضرائنا لا سيما في هذه الليلة المباركة ونكثر من القول:"اللهم انك عفو تحب العفو فاعف"
تقبل الله منا دعاءنا وكان لنا السند في كل امر نريد به خيرا لنا ولغيرنا عليه نتوكل وبه نستعين
) الدكتورة مفيدة الجلاصي )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق