................
حاتم بوبكر
................
قراءة في نص: الشاعرة: Habiba Meherzi
اسمعيني ياسيدتي
بقلم الأستاذ: حاتم بوبكر
* تكريم حروف نسائية *
"اسمعيني يا سيدتي"
رسالة شعرية.
اسمعيني
يا سيدتي
لا تحملي الأثقال من أجله
فسي السّيّد لا يريد إلاّ
أن يعدّدك
لأنك بالأمس
كنت له جميلة تغريه مفاتنك
والآن أصبحت عليلة
ترزحين تحت أثقاله
سيقانك معوجّة
ووجهك لفحته الشّمس
وخبا كلّ بريقه
يا سيدتي
لا تحني الظهر كي يستقيم
عود النّاكر
لا تتعبي فعرفاناً بالجميل لن تري
فسيّد زمانه يطلب ودّ من لَسْنَ من لداته
يا سيّدتي
كوني فخراً لنفسك
لا دابّة حمّالة للحطب
سيعيّرك بأنك لم تعودي
ممّن يستهوينه
بعد أن هتك جمالك
ومرّغه تحت الأحمال والسّغب
يا سيدتي
لا تكوني مجرّد رفّ
في بيته
يتفقّده
من حين لآخر
أو يغلقه
إلى الأبد
بعد أن يستبدلك
بجديدة معها يقضي
كلّ وقته
لا تسبّيني وتشتميني
لأن المسألة
لم تعد تعنيني
فأنا حرّة منذ سنين
فمن أجلك أقاوم
يا نور عيني
وإن فعلت
فعلى نفسك قد جنيت
وبالمهانة قد رضيت
لا تسكتي
ارمي أثقالك
وارفضي
فشهريار مازال يبحث عن شهرزاده
تحكي له الحكايات من بين
حزم الحطب
فاحملي ماشئت من أوزار
لكن من أجلك
لا من أجله
فبناكر الجميل لا تثقي
سيحاججك بالشّرع والسّنّة
قولي له وأين الشّرع حين ظلمتني
وهددت عظامي؟
أو لم تقرأ قول ربي سبحانه
(وعاملوهن بالمعروف)
كيف تطالبها بالانحناء
بعد أن هتكت شبابها
بين الفرض والواجب؟
يا عزيزتي
أ حارب من أجلك
فالمسالة لم تعد تعنيني
فرجالنا قد نبذوا المسألة
من سنين
لأنهم يعلمون
علم اليقين
أن واحدة حرّة
خير من أربع
مجتمعات
في مراح سيّدهنّ
خانعات.
حبيبة محرزي.
تونس.
Habiba Meherzi
العنوان يردك إلى فن الترسل الذي تزامن مع الإسلام لبعدها العملي وبساطتها ووضوحها وذات بنية تعتمد على التوقر والتفهم والترفق غير انها تخرجه من سياق النثر وتوظفه في النثرية فهل استطاعت الرسالة بلورة مقاصدها ونجحت في تبليغ الرسالة؟
اعتمدت على لغة بسيطة سلسة في كامل النثرية لتجعل رسالتها في متناول الكل كما استندت إلى معجم عامي في بعض المواقع وهذا ليس عيبا ذلك إن رسالتها بدت مخصوصة رغم طابعا الكلي، مخصوصة بمعنى إلى فئة معينة من النسوة وكلية لأن البائسات من النسوة لسن بائسات شاعرتنا أو فيكتور هيقو بل هن بائسات العالم في كليته. إذن الرسالة كونية إنسانية تخاطب طبقة مفضلة لديها من النسوة ولعلها هي ذاتها طبقة ماركس المفضلة أي النساء البرورليتاريات.
تستهل شاعرتنا نثريتها بياء النداء موجهة خطابها إلى المرأة العاملة، إلى إمرأة الحواشي والهوامش في العالم مترفقة بها ، رافة بها تسوق رسالتها رافعة علامة "لا" الناهية قائلة " لا تحملي الأثقال من أجله" وهذا لا يعني أنها تدعو إلى العصيان والتمرد على الرجل بألف ولام التعريف بل على ما تسميه"سي السيد" فما هي ملامح هذا الرجل؟
" سي السيد" هو الرجل الناكر الجاحد لجهد المرأة تلك التي تصرف جهدها وجمالها وتبذر مفاتنها وسنين عمرها في خدمته، ذلك أنه لن يمتدح صنيعها ولن يعترف بقيمة ما تبذله بل سينصب عليها قدحا ولوما وستنشط على لسانه كان وأخواتها فيقول كنت والآن أصبحت وأمسيت وصرت وبتّ ليبث فيها النقائص والعيوب مقارنا بين ما كانت عليه وما أصبحت متناسيا شقاءها وضنكها ونصبها وتعبها. هي تدعوها إلى الاهتمام بذاتها. تؤكد شاعرتنا أن " سي السيد" - منفتحة على الحكاية -انه شبيه شهريار يقتل النساء تباعا باحثا عن شهرزاده، هو دوما يستزيد من النساء ولا يكتفي، بل أراه يُهدر عمرها في الزامها بأعمال الشقاء وهو يقضي عمره مستمتعا متنقلا باحثا عن فاتنته ."سي السيد" يستغل ما هو ديني ليحقق/ ليؤكد حقه الشرعي في مثنى وثلاثى ورباعى والحال أنه أعرض عما ألزمه به الدين والسنه، هو يبيحها لنفسه وينكرها على غيره.
هي توصي المرأة بنفسها خيرا وأن الاولى بها العناية بنفسها بلا بـ"سي السيدـ متسائلة عن حقيقة هذا الشخص الذي يمعن في عذابات المرأة ويستهين بها بل ويبالغ في الحط من قيمتها وإذلالها.تقر الشاعرة بأنها ملتزمة بقضية هذا الصنف من النساء تسعى في رسالة مترفقة بالمرأة داعية إياها إلى رفض القبول والثورة على العصيان بعد أن خذلان الرجال لهن.
إذن متمردة الشاعرة على فئة من الرجال، ثائرة ترسل رسالة دون تأنق وتصنع إلى المرأة لتحفزها على الرفض والعصيان معلمة إليها أنها صوت نسوي أخذ على كاهله قضيتها . جمعت الشاعرة بين فنيين الترسل والشعر ولغة بسيطة تتماشى وقدرات الفئة من النسوة التي تخاطبهم وهذا تأكيد لمدة انهمامها بفئة مهمشة زمن صمت الرجل.
رسالتها تأرجحت بين الخصوصية والكونية، ثائرة على وضع كوني يحد فئة من الناس يعانون من كبرياء شهريار أو "سي السيد" تمظهر فيها نقدا لاذعا لمن يوظف الديني توظيفا سيئا لينتزع حقوقه ويهمل حقوق الغير.ان الطبقة انخرطت فيها شاعرتنا طبقة مهمشة وتشكل الطبقة الكونية النسوية الماركسية ربما يستقيم تسميتها بالبروليتاريا النسوية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق