الأربعاء، 16 فبراير 2022

 ........................

مدحت رحال ،،

................




طاعة اولي الامر
____________
عاد الحديث مجددا لبعض مدعي العلم بوجوب طاعة اولي الأمر ،
بل وصل بهم الأمر إلى القول بأن اولي الأمر هم ورثة الأنبياء ،
( وليس العلماء ورثة الأنبيا، على هذا القول )
وهذا يعني ضمنا ولو كانوا قتلة زناة فسقة
وقد نشرت مقالا بهذا الشأن منذ ثلاث سنوات ،
ولا بأس أن اعيد نشره لاضم إليه فكرا جديدا ابتكره أحد هؤلاء الأدعياء ،
وسأنقل قوله مع تعليق بسيط إن لزم الأمر ،
وهو في الحقيقة لا يحتاج إلى تعليق ،
يقول هذا المدعي في جزء من منشور :
( قادة الملة المختارين الذين هم ورثة الأنبياء والذين يطلق عليهم القرآن لقب ( أولي الأمر ) ، هؤلاء من يجب على المسلمين أن يطيعوهم في كل زمان ومكان ،
فإذا فهموا القرآن في زمانهم وبيئتهم بطريقة جديدة ، ووضعوا تشريعات ( موازية ) للقرآن لهذا الزمن وجب على الأمة طاعتهم ،
ويمكن تغييره ( أي الفهم والتشريع وطريقة التطبيق ) في بيئة جديدة وزمن جديد مع أجيال جديدة واولي أمر لاحقين ،
بل يمكن أن يختلف في العصر الواحد من بلد إلى بلد ومن قارة إلى اخرى ومن ثقافة إلى ثقافة اخرى ، الصين ... إفريقيا ... كندا ... آيسلندة ... الخ )
هذا نص ما ورد في منشوره حرفيا ،
لن اعلق ولكن شاضع ملاحظات سريعة :
_ واضح أنه لا علاقة له بعلم النحو ( المختارين )
_ ( تشريعات موازية للقرآن )
وهذا ما تحدثت عنه في مقال سابق قريب العهد بعنوان ( الدين الموازي )
وها هو يطفو على السطح صراحة ودون تأويل
_ تغيير الفهم والتشريع والتطبيق في بيئة جديدة ....
يعني كل بضعة سنين يخرج علينا دين جديد ،
اليوم احل بعضهم الزنا ، والآخر عطل الحدود ،
وغدا يأتي آخر الله أعلم ماذا عنده
_ بل يمكن أن يختلف في العصر الواحد من بلد إلى بلد ....
يعني يمكن أن يصبح لدينا إسلام امريكي وإسلام روسي وآخر فرنسي ورابع هندوسي ،
وإذا لم يعجبك إسلام بلد فلديك خيارات اخرى
والآن اعود إلى منشوري الرئيس :
طاعة الحاكم بين الولاء والبراء
ورد في منشور لأحد الأصدقاء الكرام منقولا عن الإمام / مالك بن أنس
في كتاب / أئمة الفقه التسعة
للأستاذ / عبد الرحمن الشرقاوي ،
ما مفاده :
_ أن طاعة الحاكم واجبة ، ولا ينبغي الخروج عليه ، وإن كان ظالما ،
_ النصح له والعمل على درء ظلمه بالحكمة والموعظة الحسنة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
_ الحاكم الظالم يسلط الله عليه من هو شر منه
_ شر الخروج على الحاكم أعظم من شر ظلم الحاكم
لقد دأب كثير من علمائنا في العصر الحديث ، خاصة علماء السلفية ومريدوهم ، على ترصيع صفحات التواصل الإجتماعي ، والخطب والمحاضرات في المساجد ، وحيثما أمكنهم ذلك بهذا القول والتشديد عليه إلى حد تبشير الخارج على الحاكم بجهنم وبئس المصير ، رافعين في أيديهم فتوى الإمام مالك ، وكأنها قرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ،
سأحاول القاء بعض الضوء على هذا الموضوع ما وسعني ذلك منوها بما يلي :
الإمام مالك من كبار أئمة الأمة وعلمائها ،
وأنا أمّيّ بالقياس إليه ،
قد يكون الحاكم ظالما في معاملته الرعية لا يراعى فيها حقوق الله
قد يكون الحاكم ظالما في نهب مقدرات بلده والإستئثار بها دون الرعية
قد يكون الحاكم ظالما في أخذ ما في أيدي الرعية ظلما ودون وجه حق
قد يكون الحاكم ظالما بموالاته لأعداء بلده إلى حد اتخاذهم أولياء من دون المؤمنين ، وهذا شر الظلم وأقبحه ،
ولكي أكون منصفا وموضوعيا سأعرض هذا الرأي في وجوب طاعة الحاكم على الكتاب ، وأقوال وأفعال من سبق الإمام مالك من الصحابة ، ورأيهم أحق أن يُتَبع ،
ولمزيد من الدقة سنتناول شرعية الخروج على الحاكم من عدمها من محورين :
الحاكم الظالم لرعيته
الحاكم الممالىء لأعداء الدين والأمة
من واقع الكتاب وسيرة الخلفاء والصحابة ،
أولا : طاعة ولي الأمر ،
يقول سبحانه :
(( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) المائدة ،
فسر الإمام الشعراوي رحمه الله الطاعة هنا بما مؤداه :
الأمر بطاعة الله في ما فرض من أحكام ، وفي ما أمر ونهى
الأمر بطاعة الرسول في ما بلّغ عن ربه ، ( وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ،
ومابيّن من أحكام وأوامر ونواهي لم يفصلها القرآن وترك أمر ذاك للرسول بوحي من الله ( أوتيت القرآن ومثله معه )
أما أولو الأمر فلم يكرر الأمر بالطاعة( وأطيعوا ) ، وإنما عطفهم على رسول الله ( وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ،
أي أن طاعة الرعية لهم هي في التزامهم بمنهج رسول الله ، الذي هو منهج الله جل وعلا ، وشرعه ،
فإن خرجوا عن هذا المنهج فلا طاعة لهم ،
وأي خروج عن المنهج أشد من الظلم ؟
هذا ما فهمه من هم قبل الإمام مالك ،
هذا أبو بكر الصديق في أول ساعة ولي فيها الخلافة ،
وفي أول بيان عن برنامجه يقول :
( أطيعوني ما أطعت الله فيكم ، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم )
( إن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوِموني ) ، ولم يقل فانصحوني ،
ومفهوم التقويم مطلق ، يشمل النصح والإرشاد ، والقوة
وهذا عمر بن الخطاب في أول خلافته يخاطب الرعية من على منبر رسول الله عليه الصلاة والسلام فيقول :
( من رأى منكم فيّ اعوجاجا فليقومْه )
فيرد عليه فرد عادي من الرعية :
والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا
فيقول عمر : الحمد لله الذي وُجد في المسلمين من يقوم اعوجاج عمر بسيفه ،
ويقول في خطبة أخرى :
ماذا تقولون إذا مِلت برأسي هكذا ؟
فيرد عليه فرد عادي أيضا :
نقول بسيوفنا هكذا ،
وهذا الإمام الحسين بن علي ، سبط رسول الله ،
ألم يخرج على يزيد بن معاوية بعد أن دانت ليزيد الأمصار وبايعته بالخلافة ، واستقر له الأمر ، بغض النظر عن طبيعة البيعة ،
فخرج الحسين إلى الكوفة ، وكان من أمره ما كان ، مما هو معروف
وهذا / سعيد بن جبير ، من أئمة التابعين
أخذ عن ابن عباس ،
وكان ابن عباس يقول إذا استفتاه أهل الكوفة :
أليس منكم ابن أم الدهماء ؟ يقصد سعيد بن جبير ، إقرارا بعلمه
سعيد هذا كان في جند الخليفة / عبد الملك مع ابن الأشعث في قتال ملك الترك ،
فلما خرج ابن الأشعث على الخليفة ،
خرج معه سعيد بن جبير ، لأنه كان يرى بني أمية ظلمة ،
ثانيا :
أما موالاة الحكام لأعداء الدين ، والإستعانة بهم على المسلمين ، وتحريضهم على محاربة المسلمين ، فهو أشد وأنكى من ظلم الرعية ،
يقول سبحانه وتعالى في صريح ومحكم الكتاب :
(( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ، بعضهم أولياء بعض ، ومن يتولهم منكم فإنه منهم ، والله لا يهدي القوم الظالمين ))
نص صريح : ( فإنه منهم )
هل هذا بحاجة إلى بيان ؟ فإنه منهم
ما هو موقف الداعين إلى الطاعة من هذا النص القاطع الصريح ؟
ألهؤلاء طاعة ؟
والأمثلة كثيرة :
ملوك الطوائف في الأندلس ،
والٓوا ملوك القوط ضد بعضهم البعض ،
فذهب الفردوس المفقود / الأندلس
أمراء الولايات في بلاد الشام استعانوا بالصليبيين ضد بعضهم البعض
فرزحت بلاد الشام تحت الحكم الصليبي قرنين من الزمان
وما يحدث في بلاد العرب في عصرنا الحاضر غني عن أي كلام
والآن ، فإني أسأل أئمة الطاعة :
هل بقي ثمة طاعة ؟
(( واتقوا يوما تُرجعون فيه إلى الله ))
(( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ))
مدحت رحال ،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق