الأحد، 26 مايو 2019

.............
(الدكتورة مفيدة الجلاصي )
...........


ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏طبيعة‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏

قيمة العفو
يعتبر العفو قيمة من انبل القيم وفضيلة من الفضائل التي يتحلى بها الانسان في سلوكه وهي دليل على ما يتمتع به البعض من صفاء في انفسهم وعقل راجح سديد في مواجهة ظلم الناس لهم بما اضمروه من شر أو أذى ذلك أننا كلنا في حاجة الى العفو اذا ما أخطأنا أخطأ الأخرون فحينئذ وجب العفو والصفح والحلم والسماحة كي لا يطغى علينا حب الإنتقام من المعتدي فنقابل الاساءة بالأحسان وهذا السلوك هو الذي يجعل ذلك المعتدي يراجع نفسه فيرتد عن غيه وقد تنقلب بغضاؤه الى مودة ومحبة ولذلك مدح الله سبحانه وتعالى العفو في الكثير من المواضع فقال :" وان تعفوا وتغفروا فان الله غفور رحيم " ( التغابن 14)
كما وصف المؤمنين الصادقين بقوله تعالى:" ويدرؤون بالحسنة السيئة " ( الرعد 22)
فبالعفو على المخطئين نقابل شرور الأخرين بالاحسان أليهم فندفع بالعمل الصالح العمل السيء لذلك قال تعالى:" ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " ( فصلت)
ولقد وضع الاسلام علاجا لذوي النفوس والقلوب المريضة الذين همهم أيذاء غيرهم لمنعهم عن التمادي في غيهم وهو مقابلتها بالمثل مع ترجيح العفو فقال تعالى:" وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم ولئن صبرتم لهو خير للصابرين " ( النحل 126)
كما قال سبحانه وتعالى:" وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله انه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ولمن صبر وغفر ان ذلك من عزم الأمور " ( الشورى 44 /40)
تلك قيمة العفو في الإسلام التي تعكس سلامة الفطرة في المسلم الحق الذي يسلك نهج حب الخير للاخر ومقابلة السيئة بالحسنة من أجل نشر قيم الخير والتسامح بعيدا عن ذلك القصاص وهذا ما اكد عليه الباحث عفيف عبد الفتاح طبارة في التمييز بين العفو والقصاص في قوله:" ولا شك ان الانسان اذا عفا وهو متمكن من القصاص كان عفوه فيه رحمة وعزة اما اذا دعوناه الى العفو من أول الأمر ولم نجعل له حقا في القصاص فعل ذلك وهو برم وساخط لانه عفو الضعف لا عفو المقدرة والعزة كما دعا اليه الأسلام والعفو كما دعا الاسلام يؤدي في كثير من الأحبان الى صداقة قوية بين المتخاصمين لأن المعتدي يؤلمه هذا العفو من قادر على القصاص فيعمل على ارضائه ومحو أثر الاعتداء من نفسه"
وهذه بعض الأقوال المأثورة في تمجيد العفو والتسامح
قال الشافعي
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
وفارق ولكن بالتي هي أحسن
وقال أيضا داعيا الى التحلي بصفة العفو والسماح
سامح صديقك ان زلت به قدم
غليس يسلم انسان من الزلل
يخاطبني السفيه بكل قبح
واسف أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وازيد حلما
كعود زاده الاحراق طيبا
لما عفوت ولم أحقد على أحد
أرحت نفسي من هم العداوات
وقال المتنبي
وما قتل الأحرار كالعفو عنهم
ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا
وقال علي ابن ابي طالب :" أعقل الناس أعذرهم للناس"
وهكذا فالعفو يرتبط بصفة الحلم عند المقدرة لان العفو من شيم الكرام فمن عفا ساد ومن حلم عظم قدره لذلك قال الإمام علي كرم الله وجهه:" 'اولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة "
ونختم بقول الشاعر "محمود سامي البارودي'" في الحلم
وما الحلم عند الخطب والمرء عاجز
بمستحسن كالحلم والمرء قادر
(الدكتورة مفيدة الجلاصي )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق