................
منيرة الحاج يوسف
..................
قراءة في قصيدة(سجين وسجان)للشاعر المغترب ضياء تريكو
.........................
بعنوان( انقلاب المفاهيم وارتقاء الدلالة) بقلم
منيرة الحاج يوسف
عند قراءة العنوان ينتابنا يقين أن غرض القصيدة وطني، يعالج ما تمر به الأمة من إرهاصات لها عميق الأثر في شعوبها وقد تناول الشاعر ذلك فبدا في شعره من أمهات القضايا التي عالجها
لكن ما إن نمر لقراءة البيت الأول نقع تحت طائل الدهشة فالمعجم المهيمن ينتمي إلى الحقل العاطفي (عشقت، أحببت، وجداني)ناهيك عن ضمير المخاطب المؤنث(أنت)
هذا الاستهلال هو في الحقيقة مدار القصيدة فكل المعاني التي ستلي لن تخرج عن نطاقه على مستوى الدلالة إذ الملخص هو اعتراف الشاعر بوقوعه أسيرا أسرا حلوا في زنزانة العشق، لن تتعدد الضمائر بل يدور الخطاب بين "الأنا" المتكلمة المفعول بها المتصلة بالشاعر و"أنت" الأنثى الملهمة وهي الفاعل وهو ما يبرر التكرار اللافت لهذا الضمير أو ما يعود عليه في الأبيات
تستمد الصورة الشعرية طرافتها من المقابلات البديعة التي اختارها الشاعر إذ يتحول الأسر وهو المفروض، المكروه اختيارا محبوبا
وتتحول الزنزانة ملاذا وعنوانا أما سجن القلب فهو الكون وما رحب هذا الانزياح في الدلالة والاستخدام الذكي للغة يبرر بقدرة الحبيبة على إشعال جذوة العشق ثم تعهدها حتى لا تخبو أو تنطفئ.
يمارس الشاعر باقتدار لعبة قلب المفاهيم ليمنح اللغة الانعتاق الذي يليق بالغرض المتناول قترتقي الدلالة إلى مقامات الوفاء والإخلاص وتتجلى أنبل القيم الإنسانية ممثلة في قيد العشق الذي دفع الشاعر إلى الاستفسار حوله هذا الاستفهام الإنكاري الذي يدعم ويؤكد ولا يبحث في الأجوبة لأنها أوضح ما تكون في خلد الشاعر، وقد تجلت في الأسلوب الخبري على امتداد أغلب أبيات القصيدة ونمط الوصف الذي ضاعف كم التكثيف صياغة وبلاغة
ودلالة
إن حضور الأنا مواز لحضور المخاطبة بل من الضروري أن نشير أنه الطاغي وإن بدا العكس صحيحا إذ لا يكاد بيت في القصيدة يخلو من حضوره الجلي إما صراحة أو من خلال ما يدل عليه ويخبر، من صفات واختيارات وقيم وهو ما يدعم الاختيار الواعي للعنوان فالسّجين قد سبق في الذكر العنوان لأنه بطل العلاقة وفارسها كما كل سجين يختار قدره دفاعا عن الأرض والعرض والمبدإ فيتحول إلى طليق منعتق.
دام شعرنا العربي بهذا الألق رغم واقع النفاق والخيانات والرداءة، أنحني لضوء حروفك الشاعر الكبير ضياء تريكو
القصيدة:
سـجين و سَـجّان
------------- ضياء تريكو صكر
*******************************************************************
عَشَقتُ أَسْري أنا، أحْبَبْتُ سَــجّاني
---------------------------- فأنتِ مَنْ قيّدَتْ بالنُّضجِ وجـداني
وأنتِ مَنْ رَسَمَتْ في القلْبِ خارِطةً،
---------------------------- حـــــدودَ زِنْزانتي، أنْ باتَ عـنواني
سِـجْني صغيرٌ بحجمِ الكـونِ رَحْبَتُهُ
---------------------------- وطـــوبُ أمكنتي مِنْ صُلْبِ بنياني
أنتِ التي أوْقَدَتْ في الحُبِّ ومْضَتَهُ
---------------------------- وزيتُ قنديلِهِ مِنْ بعْـــضِ إيمــاني
حتى غدا العِشقُ والإخلاصُ محبَستي
---------------------------- والحِلْمُ والبِّرُ والإيمـــــــــانُ أركاني
مَاهيَّةُ العِشْقِ في الأعـــدادِ مُطْلَقَةٌ
---------------------------- فكـــــــانَ أولُّهـــا رَقْمـــــــاً بلا ثانِ
قصيدتي وُلِدَتْ مِنْ رحْــــمِ مُعْتَقَلٍ
---------------------------- جُنونُ مُفْـــــرَدةٍ مِنْ غَيرِ أزمـــــانِ
فهلْ لمِثلي بذاكَ القَيْـــدِ مُؤتمَـــنٌ ؟
----------------------------- وأيُّ قيْـــدٍ بلا ذَنْبٍ ولا جــــــانِ ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق