السبت، 2 أكتوبر 2021

 ...............

*خالد سليمان

................



إلى الغائبة التي لا تغيب ، وإلى الراحلة التي لم ترحل ، إلى زوجتي رحمها الله : أهديها تلك الخاطرة حين زرت حديقة مدينتنا ، كنّا معا فيها قبل وفاتها بعام في أوّل أيّام عيد الأضحى ، وفي تلك الأمسيّة الفريد أحبّت أن تستعيد طفولتها مع الأرجوحة ، وما لبث حبل الأرجوحة أن قُطع
--------------------------------------
أرجوحتك تبكيك ، بقلم :*خالد سليمان
************************************************
هل تذكرين ليلة العيد ؟
حين تألّقت طفولتك ، ونافست الأطفال في اعتلاء الأرجوحة
رأيتك وردة أنيقة ، تتفوّق في طفولتها على باقة من أطفال العيد
حين رآك الأطفال ؛ ابتسموا ، والتفّوا حولك
وأخذت دورك في صف طويل ؛ حتى تنازلوا عن ترتيبهم لك
وابتسمت وأنا أقول : سلوى هل نسيت أنّك أمّ ؟
فتبتسمين قائلة : مع الأراجيح كانت لنا أيّام
ويا لفرحة الأرجوحة بك حاولت دفعك ، ولكنّك لم تكوني خائفة ولا حذرة ، كنت متألّقة
ولا أنسى أنني حاولت أن أرفع من معنوياتك فقلت : سلوى أين البطولة والإقدام ؟؟
فعلت همّتك ؛ حتى ارتفعت أكثر وأكثر
وأخيرا انقطع الحبل ، وجريت عليك ، وأنت باقة ورد تكوّمت على الرمال
وسكنتنا ضحكات ؛ جعلت كلّ الناس لا يشفقون علينا ، بل يضحكون
كلّما نظرت إليك ؛ تعلو ضحكاتي ،
وأنت فاقدة السيطرة على أجمل ضحكات تعطّر الزمان والمكان
حاولت أن أمسك بيديك ، وأرفعك عن الأرض ، فلم أستطع من نوبة ضحك أصابتني
فجلست بجوارك ، في جوار أجمل شجرة ورد في عمري وأيّامي
وكلّما نظرت إليك ؛ تغيبين في شال من الضحك والعبير
ما أجمل ضحكات الطفولة التي تسكنك !
وما أجملك طفلة قاربت على الأربعين !
وما ألذّ ابتسامات الأطفال الذين ضحكوا ، حين تكوّمت كباقة ورد على الرمال !
كان رداء الشيكولاتة الأنيق قد تحوّل إلى كعكة بنيّة أنيقة
أذكرك ليلتها أنّك قد أضحكت الرمال
وأضحكت الضوء والعبير
وأضحكت الليل صاحب الحلّة السوداء الأنيقة
فأبتسم ؛ حين أتذكّرك وأنت تسبحين في بحر الرمال ككعكة أنيقة حاصرتها الأمواج
وحدك التي أثبتت أنّ الطفولة حالة ، وليست مرحلة عمرية مرّت وانتهت
ووحدك التي زرعت في كلّ مكان شجرة ورد رائع بلون قلبك الجميل
وبلون عمرك الجميل
وبلون شبابك الجميل
الليلة أزور المكان الذي سألني عنك قبل أن يستقبلني
نسمات الهواء ترمقني بأعين صامتة : أين هي ؟؟؟
والليل الجاثم في المكان يخلع نظارته السوداء وعيناه مليئتان بالأسئلة : أين هي ؟
وأوراق الورد النائمة استيقظت منزعجة وتسأل : أين هي ؟
وحبّات الرمل التي تكوّمت عليها ، وحضنتك بحنان وحب تسألني عنك ؟
يا كلّ العمر ، ماذا أقول ؟ وحشد الأسئلة فاق الغابات الاستوائية ازدحاما
أعمدة النور تهمس : أين هي ؟
وملامح الباعة تتساءل في لهفة : أين هي ؟؟
نجيل الحديقة يشير بأذرعه الصغيرة في شوق : أين هي ؟؟
وأضواء المصابيح الدامعة تسأل عنك
وأرجوحتك تلوّح لي وتسأل : أين سلوى ؟
فتنكسر على شفاهي الحروف وتغيّر عيني اتّجاهاتها
أين روح المكان وبسمة الزمان ؟
فأهمس للجميع : وداعا لكلّ شيء جميل
وتسبح في مقلتيّ بحيرتان حارقتان من الدموع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق