الأحد، 29 مارس 2020

..................
.. حيدر غراس
..............
ربما تحتوي الصورة على: ‏نص مفاده '‏كمامة في ليلة دخلتها..‏'‏


كمامة في ليلة دخلتها
.................. ١
حين يكون بينك وبين الموت شفا كمامة اثقبها ولاتبالي فالموت واحد
وأن تلونت الكمامات..
٢
نعم اثقبها هكذا كنت اسمع احدهم مخاطبا زميل له، حين كنا نرتص في علب كارتونية مغلقة الأحكام تتمايل بنا يمينا وشمالا كلما انعطفت العربة التي حشرنا بها وكأنا جنود نساق لمعركة هوجاء.
السرعة التي كانت فوق معدلاتها المعهودة تنبئني لخلو الشوارع من باقي العربات والمارة وخلوها من المنبهات التي كنت اسمعها في كل مرة،
توقفت بنا العربة لأسمع صوت احدهم مخاطبا لأخر انها تجهيزات طبية حيث المحجر الصحي، فنتابتني رعشة كبرى حينما سمعت هذا فلدي من الحكايا التي سمعت عنها ومايدور هناك..
عادت بنا العربة وبسرعتها الكبيرة تحث دواليبها على المضي لمصيرنا المجهول وكم من الوساوس توخزني هنا وهناك، اهي رحلتي الأخيرة، اظنها كذلك فلا غرابة لنا نحن ألأخوات؟ فأختي الكبرى حمالة، ماتت منتحرة على رصيف شارع بعد مخاض عسير،
لتلحق بها نظارة بأيام قلية ، وسبقتهم امي خمار في الدفن كلما لفحها هجير الخجل واصفرار الجوع وها انا كمامة الصغرى اخر سلالة من قبيلة التكتيم،
وبخظم المتردفات والشكوك والظنون التي تدور بي، تقف العربة ليخيم سكون مطبق طال بعض الشيئ مداه،
وفجأة اجدني مع كومة اخرى من الكراتين نحمل بعناية ليلقى بنا في فضاء واسع ورطب وبارد ونصف بغير عناية تذكر على مصطبة لأحد الرفوف، لتختفي بعدها الاصوات ويخيم السكون والظلام والبرد في الفضاء المذكور..
٣
عدت لهواجسي ومخاوفي وقلقلي وشريط من الاحداث يمر بي مسرعا وانفاسي تتعالى غارقة برائحة معقم لم اعهده من قلبل فسمعت أنين متقطع يتخلل السكون، فعادت الرجفة تسري بين أوصالي مرة اخرى وبلغة هامسة كان ذلك الحديث..
كيف انت...؟
من..؟
لا تخافي انا زميلتك في الكارتونه الأخرى، خرجت للتو استطلع الأمر ولكن البرد والظلام شلا حركتي، فأتجهت نحو كوة صغيرة توجد في الباب من خلالها كنت ارقب عما يدور هناك.
قلت لها ومايدور..
قالت : لأادري بالظبط مايدور ، فهدوء وصمت يخيم على الرواق وبعض اشباح ترتدي ملابس متشابهة الالوان، تتحدث بصوت مخنوق واحيانا بلغة الأشارات..
قالت:تعالي معي نستطلع الأمر من الكوة الصغيرة نرقب مايدور.
وبين ترددي وحيرتي والخوف من القدوم نحو الكوة. ثمة جلبة كبرى حدثت لينفرد باب كبير وبأزيز صوت عالي يصحبة وهج لأنوار ساطعة مما دفعنا بسرعة كبيرة للعودة للكراتين نرتص بقوه وبصمت مخيف..
٤
عادت مرة أخرى الأكف تحملنا وترصنا بعربات صغيرة ويطاف بنا في اروقة المحجر، موزعة علبنا بين الردهات او غرف المختبرات وباقي اركان وغرف المحجر وكان نبضي يزداد سرعة واشعر بالرهبة والاصفرار كلما خف عدد الكرتونات التي ترتصف فوفي ومن جوانبي ولاأدري بمصير كارتونتي من أي حصة ستكون..
هل ستحل في غرفة الأنعاش او العناية المركزة حيث يكون الطلب على الكمامات بأشد ثقله وفي اعلى ذروتة ، وكم تمنيت حينها ان تكون كارتونتي المختبئة فيها من حصة مكان أخر كأن تكون من حصة الاطباء او الممرضين او العمال اقلها اخف وطأة من غيرها كوني لأقوى سماع انين واهات مصاب او مصابه بهذاالوباء، ولكن كيف لي هذا وانا لاأملك شيئ من امري تتناقلنا الايدي من عربات الى مصاطب ومناضد اخرى..
وكم كانت تلك الاكف قاسيةالتي ترتدي زوجين من اخواني القفازات وهي تعبث بقوة لتفك الشريط الاصق الذي يطوق العلبة التي نقبع بها انا وزميلاتي الأخريات..
٥
يتبع...
.
...
كمامة في ليلة دخلتها
.................. ١
حين يكون بينك وبين الموت شفا كمامة اثقبها ولاتبالي فالموت واحد
وأن تلونت الكمامات..
٢
نعم اثقبها هكذا كنت اسمع احدهم مخاطبا زميل له، حين كنا نرتص في علب كارتونية مغلقة الأحكام تتمايل بنا يمينا وشمالا كلما انعطفت العربة التي حشرنا بها وكأنا جنود نساق لمعركة هوجاء.
السرعة التي كانت فوق معدلاتها المعهودة تنبئني لخلو الشوارع من باقي العربات والمارة وخلوها من المنبهات التي كنت اسمعها في كل مرة،
توقفت بنا العربة لأسمع صوت احدهم مخاطبا لأخر انها تجهيزات طبية حيث المحجر الصحي، فنتابتني رعشة كبرى حينما سمعت هذا فلدي من الحكايا التي سمعت عنها ومايدور هناك..
عادت بنا العربة وبسرعتها الكبيرة تحث دواليبها على المضي لمصيرنا المجهول وكم من الوساوس توخزني هنا وهناك، اهي رحلتي الأخيرة، اظنها كذلك فلا غرابة لنا نحن ألأخوات؟ فأختي الكبرى حمالة، ماتت منتحرة على رصيف شارع بعد مخاض عسير،
لتلحق بها نظارة بأيام قلية ، وسبقتهم امي خمار في الدفن كلما لفحها هجير الخجل واصفرار الجوع وها انا كمامة الصغرى اخر سلالة من قبيلة التكتيم،
وبخظم المتردفات والشكوك والظنون التي تدور بي، تقف العربة ليخيم سكون مطبق طال بعض الشيئ مداه،
وفجأة اجدني مع كومة اخرى من الكراتين نحمل بعناية ليلقى بنا في فضاء واسع ورطب وبارد ونصف بغير عناية تذكر على مصطبة لأحد الرفوف، لتختفي بعدها الاصوات ويخيم السكون والظلام والبرد في الفضاء المذكور..
٣
عدت لهواجسي ومخاوفي وقلقلي وشريط من الاحداث يمر بي مسرعا وانفاسي تتعالى غارقة برائحة معقم لم اعهده من قلبل فسمعت أنين متقطع يتخلل السكون، فعادت الرجفة تسري بين أوصالي مرة اخرى وبلغة هامسة كان ذلك الحديث..
كيف انت...؟
من..؟
لا تخافي انا زميلتك في الكارتونه الأخرى، خرجت للتو استطلع الأمر ولكن البرد والظلام شلا حركتي، فأتجهت نحو كوة صغيرة توجد في الباب من خلالها كنت ارقب عما يدور هناك.
قلت لها ومايدور..
قالت : لأادري بالظبط مايدور ، فهدوء وصمت يخيم على الرواق وبعض اشباح ترتدي ملابس متشابهة الالوان، تتحدث بصوت مخنوق واحيانا بلغة الأشارات..
قالت:تعالي معي نستطلع الأمر من الكوة الصغيرة نرقب مايدور.
وبين ترددي وحيرتي والخوف من القدوم نحو الكوة. ثمة جلبة كبرى حدثت لينفرد باب كبير وبأزيز صوت عالي يصحبة وهج لأنوار ساطعة مما دفعنا بسرعة كبيرة للعودة للكراتين نرتص بقوه وبصمت مخيف..
٤
عادت مرة أخرى الأكف تحملنا وترصنا بعربات صغيرة ويطاف بنا في اروقة المحجر، موزعة علبنا بين الردهات او غرف المختبرات وباقي اركان وغرف المحجر وكان نبضي يزداد سرعة واشعر بالرهبة والاصفرار كلما خف عدد الكرتونات التي ترتصف فوفي ومن جوانبي ولاأدري بمصير كارتونتي من أي حصة ستكون..
هل ستحل في غرفة الأنعاش او العناية المركزة حيث يكون الطلب على الكمامات بأشد ثقله وفي اعلى ذروتة ، وكم تمنيت حينها ان تكون كارتونتي المختبئة فيها من حصة مكان أخر كأن تكون من حصة الاطباء او الممرضين او العمال اقلها اخف وطأة من غيرها كوني لأقوى سماع انين واهات مصاب او مصابه بهذاالوباء، ولكن كيف لي هذا وانا لاأملك شيئ من امري تتناقلنا الايدي من عربات الى مصاطب ومناضد اخرى..
وكم كانت تلك الاكف قاسيةالتي ترتدي زوجين من اخواني القفازات وهي تعبث بقوة لتفك الشريط الاصق الذي يطوق العلبة التي نقبع بها انا وزميلاتي الأخريات..
٥
يتبع...
.
... حيدر غراس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق