السبت، 27 يونيو 2020

............
 أ.د نبيل العريقي
............


* تاملات في فقه الواقع
يقول أحدهم :
عندما كنت أعيش في هولندا أتاني خطاب بأني ارتكبت مخالفة مرور حيث قطعت الإشارة الحمراء بالشارع الفلاني، في الساعة الفلانية ، في اليوم الفلاني ، ويسألونك في الخطاب كم سؤال ، وهل تقر بهذه المخالفة أم لا وهل عندك أي اعتراض ؟
وكانت قيمة المخالفة حوالي 150 يورو !
ولأني لا أذكر إن كنت قد قطعت الإشارة أم لا ولا أعرف أسماء الشوارع بالضبط في هولندا ، رديت عليهم : نعم عندي اعتراض .. فأنا غير متيقن أني سرت فى هذا الطريق ولا قطعت هذه الإشارة !
بعدها بأسبوع وصلني خطاب، وبه ثلاث صور لسيارتي .. واحدة قبل قطع الإشارة وهي حمراء والثانية وأنا في منتصف الإشارة وهي حمراء ، والثالثة بعد ماعديت الإشارة بمتر واحد ، وهي حمراء أيضا !!
يعنى متلبس لا مفر 😢
الصور هي الدليل القاطع 👌🏼دفعت ال 150 يورو بعد إقراري بالمخالفة وسكت.
وفي يوم ما بعد هذه الحادثة وأنا أقرأ في "سورة الجاثية" تذكرت هذه الحادثة والمخالفة عندما وصلت إلى قوله تعالى :
"هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنَّا كنّا نستنسخ ما كُنتُم تعملون "
أي أن الله سبحانه وتعالى لديه نسخ مما فعل البشر في الحياة الدنيا !!
هذا المقطع من الآية (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) !! أصابني بالذهول والقشعريرة والخوف من الله !!
يا إلهي .. هذه آلة تصوير من صنع الإنسان ، ولا تستطيع أن تهرب أو تفر منها !!
فما بالك بتصوير وتسجيل و استنساخ لأعمالنا من رب الناس أين المفر 😳😢
هذا الإستنساخ لأعمالنا في كتاب لا يضل ولا ينسى، ويُحفظ فى مكان مأمون، لا يتلف بفعل عوامل المناخ من أعاصير أو رياح او أمطار، ولا يُسرق ولا يُقرصن !!
يا إلهي كل المعاصي مستنسخة :
بتواريخها .. بوقائعها .. بأشخاصها .. بمكانها .. بزمانها .. بألوانها .. بأهدافها .. بملابستها .. بخلفياتها .. ببواعثها
كلها مسجلة .. بالصوت والصورة ..
وبالنوايا أيضاً ، فهو سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، أي يعلم ما لا تستطيع كاميرات البشر تسجيله سبحانه وتعالى وسوف تعرض على الإنسان يوم القيامة .

{ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُواحاضراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدا ً}
نعلم جميعاً أن الله سبحانه وتعالى يرانا .... فهل نشعر بهذا ونخشى الله في السر والعلن .
فمن مراتب الدين ( الإحسان )وهو أن تعبد الله كأنك تراه 👌🏼فإن لم تكن تراه فإنه يراك 👍🏼
غفر الله لي ولكم برحمته الواسعه ذنوبنا قلَّها وجلَّها صغيرها وكبيرها 🤲🏻

مع تحيات أ.د نبيل العريقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق