السبت، 26 مارس 2022

 .................

Om_Omar

....................




كنا أطفال صغار
كثيراً ما حُكِيَت لنا الحكايا والأساطير عن الأشباح والعفاريت وخاصة في منطقة المقابر التي تنأى عن البلدة ببضع كيلومترات . تقبلت دعوة من صديقتي لزيارتها نلعب ونجتمع على وجبة شهية تعلم هي كم أشتهيها من الذرة المشوية . استأذنت والدتي وأوصلني أخي لمنزل صديقتنا الذي يقع في وسط حقلهم في أطراف البلدة . لعبنا وفرحنا بالصحبة وبالذرة المشوية التي أعشقها لأقصى حد. بعد انتهائنا قررت صديقتي أن تهدم ما بداخلي من خرافات ومن ذات نفسها صحبتني إلى مكان سيُنهي ما بداخلي من خرافات ستتغيرين من اليوم و للأبد "هكذا قالت لي" . دخلنا بطريق ومنه إلى منحدر أوصلنا لشارع المقابر والتي رأيتها من هذا القرب للمرة الأولى . أوراق شجر كثيرة ذابلة على الأرض وأشجار وارفة الظلال على المقابر مددت يدي فقطفت وريقات من شجرة كافور كانت عادتي دائما عند ملاقاتي لتلك الشجرة ، طرقات ضيقة بها نباتات الصبار الكئيبة بالكاد تأخذ الممر بين المقابر اثنين بحجمنا الطفولي يمرون . تصاعدت دقات قلبي وبدأت أتوجس خيفة مع كل خطوة وبدأت أقبض بيدي على كفها في خوف وتربص وبيدي الأخرى على وريقاتي الرطبة وأنا أتوسل إليها أن نخرج من هذا الشارع . بدأ جسدي يرتعد وشفتاي ترتعشان ويداي أصبحتا باردتان كالثلج وهي ثابته وواثقة وتتقدم بي وكأنها ستحفر لي قبراً أو ربما قد أعدته مسبقاً ، ما بالها أصبحت تتقدم بخطى سريعة وأنا كالمجرورة خلفها بلا عقل نفسي تحدثني !، كدت أتجمد خوفاً ولم أعد قادرة على التوسل فقد تحجرت الكلمات في حلقي وفي لحظة خاطفة رأيت إمرأة كأنما خرجت تواً من القبر جسدها متلحف بالكفن الذي لونه يميل إلى الرمادي من تلوثه بالرماد مر طيف المرأة وفي سرعة البرق اختفى وهنا تسلسلت قدماي وزلزلت الأرض من تحتها . برقت عيناي وأبى الجفنين أن ينطبقا على بعضهما وتوقفت أنفاسي فإذا بالمرأة المكفنه تعود بسرعة فائقة وتقطع الشارع أمامي وهذه المرة تلفتت إلي ، فشددت بقبضتي على كف صديقتي لألفت نظرها ولكني أصبحت لا أشعر بوجودها ولا بوجودي ولا بأي أحاسيس . أنفاسي تتسرب للخارج أصبحت لا أستشعر غير الزفير لا أثر لأي نفس ولا شهيق يدخل رئتي ، تسمرت قدماي وإذا بالمرأة تعود وتقف امامنا وتلتفت نحوي وتنطق بصوت متحجرج خشن "لا تعودي ثانية هنا" ، اسودت الدنيا في عيني ولم أستفق بعدها إلا وأنا في بيت صديقتي التي عندما فتحت عيناي صرخت فيها لما فعلتي بي هذا حرام عليكِ . نظرت إلي باستغراب ، ما بك لا أعلم مالك لأول مرة أعلم عنك أنك تنامين وأنت جالسة هكذا وما كان مني إلا أن أرحتك على فراشي ، نظرت لي وهي تضحك بسخرية صباح الخير يا صديقتي النائمة على نفسها . نظرت إليها أنت تكذبين علي ، فاستمرت في سخريتها مني وضحكها ..ألهذا الحد فقدت عقلي !!؟؟، مهلا ..نظرت إلي يدي المغلقة بشدة ففتحتها فإذا بوريقات الكافور مازالت هناك ..لم تعد تلك الكاذبة صديقتي ومنذ ذلك اليوم تغيرت فعلا للأبد و لا أعرف تفصيلياً حقيقة ما حدث حتى هذا الوقت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق