الخميس، 3 فبراير 2022

 .....................

(عبد الفتاح حموده)

....................





وداعا ثروت
نشأت فى أسره فقيره ..أبى كان يذهب صباحا لعمله كعامل فى إحدى الشركات ويعود فى الثالثة بعد الظهر يأكل وينام ولايشغل باله بشىء كل ماكان يفعله أن يعطى راتبه الشهري لامى بعد أن يستقطع منه مبلغا له ينفق معظمه على التدخين.
أما أمى فيقع على عاتقها العبء الأكبر نحوى ونحو أخواتي وظروف معيشتنا فهى تخرج من الصباح الباكر وتعود فى ساعه متاخره من الليل جثه هامدة حيث تتنقل بين بعض البيوت لتقوم على خدمه أصحابهاورغم ذلك إذا عادت تعد طعام العشاء لنا وغالبا ماكان يضم أصناف الأطعمة التى يعطيها لها بعض الناس الذين تقوم على خدمتهم.
وكثيرا ماكانت تأكل بعض اللقيمات وسرعان ما تنام مكانها لاتتحرك وتغضب إذا حاولنا إيقاظها لأنها أحوج للراحه حتى تتمكن من مواصله عملها فى صباح اليوم التالى.
ومن يراها بنحافه جسدها الهذيل ووجهها الشاحب الذى يبدو عليه آثار الشقاء والمعاناة منذ صغرها لايصدق أنها تقوم بكل هذا الجهد. أستيقظنا صباح يوم علي شجار حاد بين أمي وأبي بسبب حثها له علي إيجاد وظيفه إضافيه أخرى لمواجهه متطلبات المعيشه ولاسيما كلماكبر الأبناء زادت الأعباء وارتفعت نفقاتهم واحتياجاتهم.
كنت فى غايه الضيق واليأس للظروف التى نمر بها ولعل جارتنا عايده فى نفس البيت هى الوحيده التى كنت أجد منها المواساه والتخفيف عنى من وطاه ما اعاني منه.
وفى أيام الإمتحانات الأخيره لسنه أولى اعدادى وقفت مع بعض الجيران ممن هم فى نفس السنه الدراسيه نتحدث عن مايخص الإمتحانات ومن بينهم (ثروت)الذى ترك أثرا طيبا فى نفسى وكنت أراه مابين وقت وأخر وانا أطل من شرفه السطح الذى نقيم فيه لأن غرفته تطل على الشارع مباشره ولعله لم يفطن إلى أننى كنت أنظر إليه .
وعلمت فيما بعد أن (ثروت)هو الوحيد الذى نجح فى دراسته أما انا فقد توقفت عن مواصله الدراسه بسبب ظروفنا الحرجه.
ساعدتنى جارتنا عايده فى التعرف على شقيقه ثروت وبالتالى سنحت الفرصه للزيارات المتبادله وتمكنت خلالها من رؤيه ثروت الذى تطورت علاقتى به تدريجيا.
وكان لثروت الفضل فى إقناعي لمواصله دراستى بأقل تكلفه (نظام المنازل) ووعدنى بتقديم كل المساعدات الممكنه فى هذا المجال.
ومن هنا توطدت العلاقه بينى وبين ثروت ووجدت فيه الكثير مما كنت افتقراليه من الإحساس بالراحه وبريق الأمل يخرجنى من حياتى الصعبه التى كنت أعيشها ولاسيما مافعله أبى مؤخرا لم يكن بالحسبان أبدا ولم يخطر ببال أحد .
وجدنا أبى _سامحه الله_ قدترك البيت وتزوج من امرأه أرملة وأقام معها فى شقتها.
وماكنت أخفى شىء عن ثروت إلا أمرا واحدا لم أستطع الإفصاح عنه وهو أننى فى مرحله من عمرى قدتزوجت عرفيا من (حسام)وهو أحد أقارب عايده وتعرفت عليه أثناء زياراته لهم وكان لابد من إنهاء علاقتى بحسام فاتفقت معه على لقاء فى مكان ما لكى أخبره أنه لم يعد هناك ضروره لاستمرار هذه العلاقه.
وأثناء اللقاء حدثت المفاجاه إذ رانى شقيقى الأكبر على وهنا تعقدت الأمور أكثر فر حسام هاربا أما أنا فقد أمسك بى أخى وجرنى بعنف نحوالبيت وراح يقسو على بالضرب والسباب ورغم ذلك لم يشغلنى إلا ثروت وتمنيت أن يلتمس لى العذر ولو أنى بدأت أحس أننى قد أخطأت خطا جسيما اذ أن الظروف مهما بلغت ماكان ينبغى أن تكون دافعا لارتكاب مثل هذا الخطأ ونحن البشر عندما نخطى نجد لأنفسنا مبررات كافيه لنفعل مانشاء .
ورقدت بالفراش بضعه أيام من أثر الجروح والصدمات التى ألحقها بى أخى وهو يكيل إلى بكل مايقع فى يديه من أشياء.
وعندما بدأت استرد عافيتى إلى حد ما نهضت من الفراش وهرولت إلى الشرفه أطل منها على ثروت وكلى أمل أنه سوف ينظر إلى أمري نظره عاقله كما تعودت منه ولكننى وجدت غرفته مغلقه تماما على غير المعتاد...
(عبد الفتاح حموده)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق