الأحد، 6 يونيو 2021

 .................

د. فالح نصيف الحجية الكيــــلاني

..................



( الــتــــصوف والطـريـقـــــة القـــــــا دريــــــــة )
بقلم : فالح الكيـــــــلاني
القسم الثالث
أعلام التصــــــــــــوف :
اشتهر طائفة من رجال التصوف بالزهد، ومراعاة أحوال القلوب، حتى أصبحوا مضرب المثل في ذلك، في حين لم يعرف البعض الآخر من التصوف سوى لبس الخرق والتظاهر بالمسكنة، فضلا عن خروج الكثير منهم عن السنة بكثرة ما أحدث من البدع في العقائد والعبادات، فليست الصوفية سواء وليس رجالها سواء، والبصير العاقل من لم يضع الجميع في موقع واحد لاتحاد الاسم مع أن المعنى مختلف، وسوف نعرض لتراجم بعض أعلام التصوف وأغلبهم من أهل الاستقامة في الدين لئلا تنفر النفوس من التصوف بمعناه الحسن، فما أحوج القلوب اليوم في زمن الجفاف المادي إلى نسمات الروح وهبات الإيمان لتتغذى بهاالروح الانسانية ، ولنجد في ذكر الصالحين نعم العون على ذلك،
فمن أعلام التصوف:
1- أبو محمد رويم بن أحمد المتوفي سنة\ 303هـ من أقواله :
( إذا رزقك الله المقال والفعال، فأخذ منك المقال وأبقى عليك الفعال فإنها نعمة، وإذا أخذ منك الفعال وأبقى عليك المقال فإنها مصيبة، وإذا أخذ منك كليهما فهي نقمة )
2- أبو العباس أحمد بن محمد الآدمي المتوفي\ 309هـ كان من كبار مشائخ الصوفية وعلمائهم، وكان من أقران الجنيد البغدادي - رحمه الله - من أقواله:
(من ألزم نفسه متابعة آداب الشريعة، نور الله قلبه بنور المعرفة، ولا مقام أشرف من مقام متابعة الحبيب صلى الله عليه وسلم في أوامره وأفعاله وأخلاقه ).
3- أبو إسحاق إبراهيم بن أدهم المتوفي سنة\ 161هـجرية كان من أبناء الملوك، فخرج عن حاله تلك وتصوف، حتى صار مقدما في الصوفية، من أقواله :
( إني لأسمع النكتة من نكت القوم فلا أقبلها إلا بشاهدين من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ).
4- أبو الفوارس شاه بن شجاع الكرماني (المتوفي قبل 300هـ ، كان من أولاد الملوك، وكان يقول:
( الصوفي من غض بصره عن المحارم، وأمسك نفسه عن الشهوات، وعمر باطنه بدوام المراقبة)
وغيرهم كثير ممن سلك مسالك الحق واهتدى بنور الايمان والاسلام
**************
التصوف وذكر الله
اعتمد التصوف في الاسلام ذكر الله مبدءا اساسيا والوصول الى الله تعالى هدفا وغايته المرجوة ومبتغاه واعتبر قول ( لا اله الا الله) شعارا فذكر الله تعالى هو علامة الفلاح وسبيل النجاح والرقي والالتزام بكتاب الله تعالى وسنة نبيه الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم فرض على كل سالك لهذا الطريق وحقه من الحقيقة قدر التزامه في الكتاب والسنة وتنفيذا لاوامر الله تعالى ونواهيه وتعاليم رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .
لقد وردت في القران الكريم ايات كثيرة تحض لا بل تلزم اهل الايمان على ذكرالله تعالى قال تعالى :
– اذكروني اذكركم واشكروني ولاتكفرون – سورة البقرة 152
- الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم – ال عمران 191
- فاذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم - النساء 103
- واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال ولا تكن من الغافلين – الاعراف 205
- ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر والله يعلم بما تصنعون – العنكبوت 25
- الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم – الاحزاب 41
وكثير من الايات في القران الكريم تؤكد وتحث على ذكر الله
وفي الحديث الشريف ايضا الكثير فعن ابي هريرة انه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم –
( يقول الله تعالى اذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي واذا ذكرني في ملاء ذكرته في ملاء خير من ملئه واذا تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا واذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا واذا مشى اليه هرولت اليه) – متفق عليه
وفي حديث اخر قدسي يقول الله تعالى –
(انا مع عبدي ماذكرني وتحركت بي شفتاه)
– رواه ابن جابر وابن حيان
وفي الاحاديث الشريفة الكثير الكثير في الحض على ذكرالله تعالى وفضل الذكر واذكر على سبيل المثال قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يخاطب صحابته الكرام – والخطاب لعامة المسلمين من بعدهم
( ا لا انبؤكم بخير اعمالكم وازكاها عند مليككم وارفعها في درجاتكم وخير لكم من عطاء الورق والذهب وخير لكم من ان تلقوا عدوكم فتضربون اعناقهم ويضربون اعناقكم قالوا وما ذاك يارسول الله قال ذكر الله عز وجل)
- رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم-:
( من احب ان يرتع في رياض الجنة فليكثر من ذكرالله)
– رواه ابو شيبة والطبراني
وايضا عن ابي هريرة قا ل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - :
( ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله عز وجل الا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عند ه) – رواه مسلم
وذكر الله تعالى نور وايمان و هدى وعرفان وانشراح في الصدر وسعة في العيش وسعادة في الدنيا وجنة في الاخرة ولو تعمقنا قليلا في معنى الذكر لوجدنا ان الذكر ذكران ذكر يتولد من الخوف والخشية وهو من يذكر الله مع نفسه ويرى ان ذكرالله تعالى له امان وما كان الا بذكرالله تعالى ويعلم انه بذكر الله يصل الى ذكر الله له .
والذكر الاخر ذكرالمحبة والتشوق وهو التذكر بذكرالله به في الازل حيث لم يكن موجودا الى ان يصير في الدنيا مفقودا ثم الى الابد وعند ما يتجوهر ويستكن نور اليقين فيه حتى اذا ذهبت صولة الذكر من اللسان والقلب يبقى نور الذكر متجوهرا في دواخله فيصير الذكر ذكر الذات وهذا هو ذكر المشاهدة والمكاشفة والحقيقة الكبرى .
و قيل : (الذكر نار لاتبقي ولاتذر فاذا دخل قلب عبد مؤمن يقول – انا لا غيره لا اله الا الله – فاذا كان في القلب حطب الدنيا وهشيم متاعها وظلمة الوجود الحادث وخواطر النفس الامارة بالسوءووساوس الشيطان احرق الذكر كل ذلك وانار للقلب المحالك لذلك القلب بنور الله تعالى )
حيث ان الذكر يكون اولا باللسان فاذا داوم عليه العبد انخرق له القلب وسرى نور ذكر الله الى بقية الجوارح واستغرق العبد كله في الذكر فتحول بتشريفه ووجوده الى حال اخر
وعلامة انخراق القلب للذكر الشعور بالخفة في الاعضاء حتى يكاد المرء ان يطير بلا جناحين من خفته فاذا سكت اللسان عن الذكر تحرك الفكر و تحرك القلب في الصدر بالذكر فاذا داوم العبد على ذلك وصل الذكر الى سره وهنا تكون الغيبة في الذكر والذاكر في المذكور ويكون الهيمان حتى اذا ترك العبد الذكر لم يتركه الذكر ولا تذهب عنه انواره ولا يطيب به قرار الا بالمشاهدة والاشراق انه - نور على نور- هداية من الله العلي العظيم .
لاحظ كتابي ( التصوف والطريقة القادرية طبع عمان - الاردن 2020 )
اميرالبيــــــــــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيــــلاني
العراق - ديالى - بلـــــــد روز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق