الاثنين، 28 ديسمبر 2020

 ................

مرشد سعيد الاحمد

...............



قصة قصيرة
بقلم: مرشد سعيد الأحمد
الأم الحنونة
عاشت السيدة هياتم حياة صعبة في بلدةِ ديرُ ألوفا
بعد أن توفي زوجَها بحادِث سير وترك لها طفلين صغيرين واحد اسمه خلف على اسم والده والثاني اسمه حنّاش على اسم خاله.
حيث تم توظيفِها مستخدمة في إحدى المدارس الابتدائية في بلدة دير ألوفا هذه البلدة التي يمتاز أهلُها بالحدية والعصبية في التعامل إلى جانب المرجلة في المواجهة والتحلي بالشيمة العربية الأصيلة في إغاثة المحتاج إنه شعب حي يحب العمل ويحب الحياة والسعادة وأهم مايميز أهل تلك المنطقة هي حُبهم لأكلة شعبية تسمى ثريد الباميا هذه الأكلة تتكون من الباميا وهي إحدى الخضار الصيفية تُطبَخ مع لحم الضان وعصير البندورة مع قليل من الثوم وتصب في صينية خاصة على خبز التنور أو الصاج وهي أكلة لذيذة جداً بِالنِّسْبَةِ لهم.
ولهذا السبب تُذكر هذه الأكلة في المجلات المحلية فمثلا
في بند هل تعلم كثيرا ما تُكتب العبارة التالية:
هل تعلم أنه في كل يوم جمعة أن خمسة وسبعون في المية من أهل دير ألوفا يطبخون الباميا وأن الخمسة والعشرين بالمية الباقية يأكلونها باردة مطبوخة من يوم الخميس كونها أطيب حسب اعتقادهِم
وإضافة إلى ذلك تستخدم الباميا في عبارات الغزل بين العشاق فمثلا يقول أحد العاشقين لعشيقته:
أنت على قلبي بامية قَطْف وباقي البنات شجيج.
في هذه البلدة قامت هياتم بتربية ولديها بعد رَفْضهَا الزواج من أي رجل حيث عملت إلى جانب الوظيفة في إعداد المونة للمنازل مثل إعداد الباميا لتنشيفها أو ضغطها في قطارميز بلور وكذلك إلى إعداد وتنشيف الملوخية.
بعد أن تجاوز ولديها سن الخامسة عشرة عملا في العتالة بسوق الخضار لمساعدة والدتهِم بعد أن تقدم بها العمر ولم تعد تستطيع العمل خارج البيت
في كل يوم جمعة من أيام الصيف يشتري خلف ثلاثة أو أربعة كيلوات لحمة مع ثلاثة كيلوات بامية مع عشر كيلوات بندورة ناضجة وتقوم الأم بطبخها وتحتفظ بقسم منها في خزانة خاصة في المطبخ لليوم التالي
وتقدم لهم القسم الآخر فيأكلان أول صينية ثم يمارسان نوع من المصارعة إلى أن يشعرا بالجوع فيطلبان من الأم قائلِين بالعامية: "يا يوم حطين بامية "
فيأكلان الصينية الثانية ثم يمارسان نوع من رياضة السباق في أرض الديار وعندما يشعران بالجوع يكرران الطلب نفسه فتقول لهما الأم: لقد خلصت البامية ولم يبقى منها شيئاً عندها يجلسان بجانب بعضهما البعض يبكيان على خلاص البامية فتقوم الأم بدافع العاطفة والحنية بإحضار ما احتفظت به وتقدمه لهما لترضيهم.
وذات يوم تعرف حناش على تاجر حلبي وتزوج ابنته وهجر والدته ونسي كل ما قدمته له في طفولتهِ وشبابهِ وبدأ ينقل لأبي زوجته أسرار السوق مما دفع التجار في دير ألوفا إلى طردهِ من بلدتهِم إلى حلب ليعيش مع زوجته الحلبية هناك.
وبعد عدة سنوات توفي عمهُ التاجر وأُصيب هو بمرض السكري أفقده رجولتهِ فقامت زوجته بطردهِ من البيت
فعاد إلى بلدهِ دير ألوفا حيث رفض أخوه خلف استقباله فحدث خلاف بينه وبين والدتهِ التي فتحت له قلبهَا وسامحته على ما قام به من عقوق تجاهها
وبرر خلف هذا الرفض إلى خيانتهِ لبلدهِ ولأبناء بلده من خلال التعامل مع أشخاص أغراب بدافع المصلحة الشخصية والتسبب في تحطيم مستقبلُهم ومستقبل أبناؤُهم.
انتهت
بقلم: مرشد سعيد الاحمد
توضيح: بامية قَطْف هي تعبير مجازي على الشبوبية وبداية النضج والجمال والحب الوجداني الصادق
أما كلمة شجيج: وهي البامية المنشفة التي تتراكم عليها الغبار وهو تعبير يعاكس الأول بالمجاز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق