............
رياض المساكني(انقزو)
تونس
تونس
..............
زهايمر
نهضت متأخّرا على غير عادتي. الأيّام الأخيرة أصبحت أعاني من سهاد جعل الكرى يهجر
جفنيّ. لبست ما طالته يداي من ملابس نظيفة، والتهمت ما خفي عن أطفالي من بقايا خبز وقطرات حليب دون أن اغسل وجهي -رغم حرصي الشديد على أن فعل ذلك – ثمّ تأبّطت محفظتي التي أصبحت جزء منّي، تقاسمني شقائي وأقاسمها لونها الأسيود الفاتر بفعل الزمن، وشددت الخطى نحو المدرسة.
وقفت أمام الفصل ومازالت بي اغفاءة، التلاميذ في انتظاري في حيرة وقلق، على وجوههم عديد الأسئلة التي تكبتها شفاههم. لم يتعوّدوا أن آتي متأخّرا، ولا أن اسمح لأحدهم بذلك...
أنا مرهق، بالكاد تحملني قدماي ...أعباء الحياة لا تنتهي وطلبات العائلة تتفاقم يوما بعد يوم. الهواجس تطاردني...تكاد تسقطني بالضربة القاضية رغم أنّي ألفتها وعاشرتها وعاشرتني.
انتشلتني تحيّة صباحيّة من هواجسي "صباح الخير سيّدي" وتبعتها تحية أخرى "بون جور مسيو". رددت التحيّة ودخلنا القاعة المألوفة، رائحة الرطوبة تغطي الفضاء، والفضلات منتشرة في كلّ الأرجاء، الكراسي عرجاء، المقاعد فقدت بريقها، السقف ذهب جزء منه، الجدران لوحة سيّئة التشكيل...أخذ التلاميذ مقاعدهم، وأخرجوا أدواتهم. وأمّا أنا فبقيت متسمرا بجانب المكتب أجهد نفسي لتذكّر الواجب الذي كلّفتهم به ولكن دون جدوى. تحرّكت بين المقاعد بخطوات متثاقلة محاطا بنظراتهم وبعض الهمسات. قالت واحدة من هنّ بشيء من الخوف" لم أنجز الواجب...قطعوا عن منزلنا التيّار الكهربائي...أشعر بالبرد...". نفخت في يديها، ثمّ أ خذت نفسا عميقا ممزوجا بملوحة دموعها ورائحة الرطوبة، أطلقت زفرة تفتّت الحجر الصوان، وانبعث من داخلها صوت بدا مزيجا من البكاء والنحيب. وتردّ جليستها في شيء من التناغم معها" لم البكاء...؟ كلّنا في الهواء سواء. أنا كذلك لم أنجز الواجب. لم أقدر على تجاوز ما حصل الأسبوع المنقض...لم يهتم أحد بما وقع...لم يكلّف أحد نفسه السؤال...لم يراعوا وضعي الصحي ولا النفسي..." تردّد صدى زفير مأساويّ في القاعة وبداخلي. أعادني حديثهما اليّ واستفقت من شرودي مذعورا. لقد نسيت ابني بالمدرسة وحيدا.
نهضت متأخّرا على غير عادتي. الأيّام الأخيرة أصبحت أعاني من سهاد جعل الكرى يهجر
جفنيّ. لبست ما طالته يداي من ملابس نظيفة، والتهمت ما خفي عن أطفالي من بقايا خبز وقطرات حليب دون أن اغسل وجهي -رغم حرصي الشديد على أن فعل ذلك – ثمّ تأبّطت محفظتي التي أصبحت جزء منّي، تقاسمني شقائي وأقاسمها لونها الأسيود الفاتر بفعل الزمن، وشددت الخطى نحو المدرسة.
وقفت أمام الفصل ومازالت بي اغفاءة، التلاميذ في انتظاري في حيرة وقلق، على وجوههم عديد الأسئلة التي تكبتها شفاههم. لم يتعوّدوا أن آتي متأخّرا، ولا أن اسمح لأحدهم بذلك...
أنا مرهق، بالكاد تحملني قدماي ...أعباء الحياة لا تنتهي وطلبات العائلة تتفاقم يوما بعد يوم. الهواجس تطاردني...تكاد تسقطني بالضربة القاضية رغم أنّي ألفتها وعاشرتها وعاشرتني.
انتشلتني تحيّة صباحيّة من هواجسي "صباح الخير سيّدي" وتبعتها تحية أخرى "بون جور مسيو". رددت التحيّة ودخلنا القاعة المألوفة، رائحة الرطوبة تغطي الفضاء، والفضلات منتشرة في كلّ الأرجاء، الكراسي عرجاء، المقاعد فقدت بريقها، السقف ذهب جزء منه، الجدران لوحة سيّئة التشكيل...أخذ التلاميذ مقاعدهم، وأخرجوا أدواتهم. وأمّا أنا فبقيت متسمرا بجانب المكتب أجهد نفسي لتذكّر الواجب الذي كلّفتهم به ولكن دون جدوى. تحرّكت بين المقاعد بخطوات متثاقلة محاطا بنظراتهم وبعض الهمسات. قالت واحدة من هنّ بشيء من الخوف" لم أنجز الواجب...قطعوا عن منزلنا التيّار الكهربائي...أشعر بالبرد...". نفخت في يديها، ثمّ أ خذت نفسا عميقا ممزوجا بملوحة دموعها ورائحة الرطوبة، أطلقت زفرة تفتّت الحجر الصوان، وانبعث من داخلها صوت بدا مزيجا من البكاء والنحيب. وتردّ جليستها في شيء من التناغم معها" لم البكاء...؟ كلّنا في الهواء سواء. أنا كذلك لم أنجز الواجب. لم أقدر على تجاوز ما حصل الأسبوع المنقض...لم يهتم أحد بما وقع...لم يكلّف أحد نفسه السؤال...لم يراعوا وضعي الصحي ولا النفسي..." تردّد صدى زفير مأساويّ في القاعة وبداخلي. أعادني حديثهما اليّ واستفقت من شرودي مذعورا. لقد نسيت ابني بالمدرسة وحيدا.
رياض المساكني(انقزو)
تونس
تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق